واصل إلى واسط ، فخاف الناس منه خوفا شديدا ، فلم يصل إليها» (١).
وفي سنة ٥٦٢ ه / ١١٦٦ م سار شملة التركماني صاحب الأحواز على رأس جيش قاصدا العراق ، فأقام بالقرب من النعمانية. ثم أرسل إلى الخليفة المستنجد بالله يطلب منه أن يقطع البصرة وواسط والحلة إلى أحد أولاد ملكشاه ، إلا أن الخليفة لم يستجب لطلبه (٢). فلما أصر شملة على موقفه ، أرسل الخليفة العساكر من بغداد إلى أرغش المسترشدي مقطع واسط ، وابن البلدي ناظرها وأمرهما بالمسير إليه للقائه ، فسارا إليه وأقاما في النعمانية مقابل عسكره.
فلما أرسل شملة ابن أخيه «قلج» لقتال جماعة من الأكراد ، تقدم أرغش للقائه ، ودارت بين الطرفين معركة انتهت بهزيمة عسكر «قلج» وأسره ، فلما علم شملة تقدم بطلب الصلح ، فرفض ، فلما أدرك شملة أن لا قبل له على الاستمرار بالمقاومة عاد إلى بلاده (٣).
لم نجد إشارات إلى أحداث سياسية تعرضت لها مدينة واسط حتى سنة ٦٥٦ ه / ١٢٥٨ م ، فبعد أن تم فتح بغداد في هذه السنة من قبل التتر ، تقدم قائدهم «بوقاتيمور» إلى الحلة «فاستقبل أهل الحلة الجند ... وأقاموا الأفراح ابتهاجا بقدومهم» ولما شاهد القائد إخلاصهم سار نحو واسط ووصلها في ١٧ صفر إلا أن أهلها لم يدخلوا في طاعته ، فاستولى على المدينة بالقوة «وشرع في القتل والنهب ، فقتل ما يقرب من أربعين ألف شخص» (٤).
__________________
(١) ن. م ، ١١ / ٣٢٨. ن. م ، ق ٢ ، ج ٢١ ، ورقة ٣٩٩.
(٢) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٣٢٩.
(٣) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٣٢٩.
(٤) الهمذاني ، جامع التواريخ ، م ٢ ، ج ١ ، ٢٩٦. وممن رثوا واسط بعد هذه النكبة الشاعر سعدى الشيرازي الذي قال :
وقفت بعبادان أرقب دجلة |
|
كمثل دم قان يسيل إلى البحر |
وفائض دمعي في مصيبة واسط |
|
يزيد على مد البحيرة والجزر |
فجرت مياه العين فازددت حرقة |
|
كما احترقت جوف الدماميل بالفجر |
حسين علي محفوظ ، المتنبي وسعدى ، ٧٣.