ذكر ابن عبّاس معاوية فقال : لله تلاد بن هند ما أكرم حسبه ، وأكرم مقدرته ، والله ما شتمنا على منبر قط ، ولا بالأرض ظنا منه بأحسابنا وحسبه ثم بعث إلينا ابن أخيه الوليد بن عتبة غلاما ابن عشرين سنة ، فما ترك في السجن غارما إلّا أدّى عنه ، ولا عانيا إلّا فكّه ، ثم كتب إلينا أمير المؤمنين معاوية أن أرسل إلى الحسين (١) بن علي مع شرطي حتى يتلقينه (٢) فبينا أنا عنده ، وقد أرسل إليه فأقرأه كتاب معاوية فقال : أنت ترسل بي إليه يا بن أكّالة الأكباد ، فقال : يا أبا عبد الله ، إنه لا بدّ لنا من ذلك من السمع والطاعة ، فوثب الحسين فأخذ عمامته فاجتذبها (٣) إليه وجعل الوليد يطلقها عنه كورا كورا ويقول : ما أردنا أن يبلغ كلّ هذا منك يا أبا عبد الله ، فقمت إلى الحسين ، فلم أزل به حتى أخرجته ، فالتفت إلى الوليد فقال : جزاك الله خيرا ، ما هجنا بأبي عبد الله إلّا أسدا ، ثم قال ابن عبّاس :
مغاض عن العوراء لا ينطقونها |
|
وأهل وراثات الحلوم الأوائل |
وجدنا (٤) بني حرب وكانوا أعزّة |
|
ذرى في الذرى وكاهلا في الكواهل |
فبلغ ذلك معاوية ، فقال : يا أهل الشام ، ما كنتم صانعين لو شهدتموه؟ قالوا : لو شهدناه لقتلناه ، فقال معاوية : إن [ثم](٥) لدما مصونا عند بني عبد مناف ، الوليد أعلم بأدب أهله.
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أخبرنا أبو الحسن السيرافي ، أخبرنا أحمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى ، حدّثنا خليفة : فحدّثني وهب بن جرير ، حدّثني جويرية بن أسماء قال : سمعت أشياخنا من أهل المدينة ما لا أحصي يتحدّثون أن معاوية لما هلك ولي المدينة يومئذ الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، وكان رجلا رفيقا سريا كريما.
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد ، وأبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا أبي علي ، قالوا : أخبرنا أبو جعفر محمّد بن أحمد ، أخبرنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العبّاس ، أخبرنا أحمد بن سليمان ، حدّثنا الزبير ، حدّثنا محمّد بن حسن ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد الليثي : أن محمّد بن الحارث التيمي أخبره.
__________________
(١) الأصل وم : الحسن ، والمثبت عن «ز» ، والمختصر.
(٢) بدون إعجام بالأصل وم ، وفوقها ضبة بالأصل ، أعجمت عن «ز» ، وفي المختصر : نبلسه.
(٣) الأصل وم : «ما حرها» والمثبت عن «ز» ، وفي المختصر : فاجترها.
(٤) الأصل وم : «وجدنا في بني» والمثبت عن «ز» ، والمختصر.
(٥) سقطت من الأصل وم ، وزيدت عن «ز».