ابن الزبير الكلام ، وتغالظا حتى قام كل واحد](١) منهما إلى صاحبه فتناصيا (٢) ، وقام (٣) الوليد ليحجز بينهما حتى خلص كل واحد منهما من صاحبه ، فأخذ عبد الله بن الزبير بيد الحسين وقال : انطلق بنا ، فقاما ، وجعل ابن الزبير يتمثل قول الشاعر :
لا تحسبني يا مسافر شحمة |
|
تعجّلها من جانب القدر جائع |
فأقبل مروان على الوليد يلومه ، ويقول : لا تراهما أبدا ، فقال له الوليد : إنّي قد أعلم ما تريد ، ما كنت لأسفك دماءها ، ولا لأقطع أرحامهما (٤).
أنبأنا أبو القاسم النسيب ، وأبو الوحش المقرئ ، عن رشأ بن نظيف ونقلته من خطه ، أخبرنا إبراهيم بن علي ، حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا أبو خليفة ، حدّثنا محمّد بن سلّام ، حدّثنا عبيدة بن المنذر قال : قال أبي.
لما أتي برأس الحسين بن علي إلى عمرو بن سعيد بن العاص وضع بين يديه ، فقال للوليد بن عتبة بن أبي سفيان : قم فتكلم ، فقام ، فقال : إنّ هذا ـ عفا الله عنا وعنه ـ خيرنا (٥) بين أن يقتلنا ظالما أو نقتله معذورين في قتله ، فصرنا إلى التي كرهنا مضطرين إليها غير مختارين لها ، وبالله لوددنا أنّا اشترينا له العافية منه ، ولو أمكن ذلك بأغلى الثمن ، وإن عجل قوم بملامنا ليصيرنّ إلى عذر منا.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، أخبرنا أبو عمر بن حيّوية ، أخبرنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن فهم ، حدّثنا محمّد بن سعد ، أخبرنا علي ابن محمّد ، عن خالد بن يزيد بن بشر ، عن أبيه وعبد الله بن نجاد الطالحي عن العيزار بن أنس الطائحي ، ومسلمة بن محارب ، عن حرب بن خالد وغيرهم قالوا : لما مات معاوية بن يزيد بن معاوية أرادوا الوليد بن عتبة بن أبي سفيان على البيعة له ، فأبى وهلك تلك الليالي (٦).
وذكر غيره أن الوليد بن عتبة قدّم للصلاة على معاوية بن يزيد ، فأصابه الطاعون في
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك للإيضاح عن «ز».
(٢) يعني أخذ كل واحد منهما بناصية الآخر ، والناصية : منبت الشعر في مقدم الرأس.
(٣) بالأصل وم : وقال ، والمثبت عن «ز».
(٤) الأصل وم : «لا سقط دماها ، ولا لأقطع أرحامها» صوبنا الجملة عن «ز».
(٥) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي المختصر : حرّنا.
(٦) سير أعلام النبلاء ٣ / ٥٣٤.