«حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم»
في الأحباس
في الواضحة عن الواقدي عن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ قال : سألنا عن أول حبس حبس في الإسلام فقال قائل : أحباس رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو قول الأنصار (١). وقال المهاجرون : حبس عمر بن الخطاب أول حبس كان في الإسلام ، وذلك أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم لما قدم المدينة وجد أرضا واسعة : لزهرة ، وأهل رايج ، وحسيكة (٢) ، وقد كانوا جلوا عن المدينة قبل مقدم النبيّ صلىاللهعليهوسلم بيسير ، ومنهم من انجلى عن أرضه بعد مقدم النبي صلىاللهعليهوسلم وتركوا أرضا واسعة فيها براح ، ومنها رديء لا تسقى يقال له : الخشاشير. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أعطى عمر بعضها : ثمغ (٣) ، ثم اشترى عمر بن الخطاب ـ رضياللهعنه ـ إلى ما أعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قوم يهود ، فكان مالا معجبا فقال عمر : يا رسول الله إن مالي مال معجب ، وأنا أحبه. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حبّس أصله ، وسبّل ثمرته». ففعل عمر (٤).
مطرف عن العمري عن نافع عن ابن عمر قال : ثمغ أول صدقة تصدق بها في الإسلام وأن عمر يوم أراد أن يتصدق بها قال : أشر عليّ يا رسول الله في صدقتي كيف أصنع فيها؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حبّس أصلها ، وسبل ثمرتها» (٥).
وعن المسور بن رفاعة عن محمد بن كعب القرظي قال : أول صدقة كانت في الإسلام صدقة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأمواله الموقوفة. قال : فقلت : فإن الناس يقولون صدقة عمر. قال : قتل مخيريق بأحد على رأس اثنين وعشرين شهرا من مهاجرة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأوصى إن أصبت فأموالي لرسول الله صلىاللهعليهوسلم يضعها حيث أراه الله ، فتصدق بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم صدقة حبس ، وهي : سبعة حوائط. وإنما تصدق عمر بثمغ بعد ما رجع النبيّ صلىاللهعليهوسلم من خيبر سنة سبع من الهجرة ، وكانت خيبر سنة ست (٦).
وقال الزهري : صدقة النبيّ صلىاللهعليهوسلم الحوائط السبعة من أموال بني النضير بعد أن رجع رسول
__________________
(١) الواقدي محمد بن عمر بن واقد الأسلمي ـ متروك مع سعة علمه. كما قال الحافظ في التقريب. وحصين ابن عبد الرحمن ضعفه أحمد وذكره ابن حبان في ثقات أتباع التابعين فكأن روايته عن الصحابة مرسلة.
(٢) حسيكة : موضع في المدينة كان بها يهود من يهودها.
(٣) ثمغ : مال كان لعمر بن الخطاب فوقفه رضياللهعنه.
(٤) رواه النسائي (٦ / ٢٣٠) ، وابن ماجه (٢٣٩٧) ، والبيهقي (٦ / ١٦٢) من حديث عمر رضياللهعنه. وإسناده صحيح.
(٥) رواه أحمد (٢ / ١٥٦ و ١٥٧) من حديث ابن عمر رضياللهعنهما. وهو حديث صحيح.
(٦) رواه ابن سعد (١ / ٣٨٨) ذكر صدقات رسول الله صلىاللهعليهوسلم وابن كثير (٣ / ٢٣٧) من كلام محمد بن كعب القرظي موقوفا عليه.