أجرنا من أجرت يا أم هانئ». قالت أم هانئ : وذلك ضحى (١). وأما هبيرة بن أبي وهب وهو زوج أم هانئ وهو مخزومي فقال حين بلغه إسلام أم هانئ :
شاقتك هند أم أتاك سؤالها |
|
كذاك التوى أسبابها وانفتالها |
وفي هذا الشعر يقول :
وإنّ كلام المرء في غير كنهه |
|
لكالنبل تهوي ليس فيها نصالها |
فإن كنت قد تابعت دين محمد |
|
وعطفت الأرحام منك حبالها |
فكوني على النخل السحيق بهضبة |
|
ململمة غبرا يبّس تلالها |
وفي كتاب ابن سحنون والواضحة قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «يجير على المسلمين أدناهم ويرد عليهم أقصاهم». وفي غير الكتابين : «وهم يد على من سواهم» (٢).
قال ابن حبيب : معنى يجير عليهم أدناهم : أي الدني من حرّ أو عبد أو امرأة أو صبي يعقل الأمان يجوز أمانهم ، ومعنى ويرد عليهم أقصاهم : أي ما غنموا في أطراف بلادهم يجعل خمسه في بيت مالهم.
قال ابن الماجشون : لا يجوز الأمان إلا لولي الجيش أو لولي السرية دون غيره. قال ابن شعبان القرطبي : قول ابن الماجشون خلاف قول الناس.
«حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم»
في الجزية بأمر الله عزوجل ومقدارها
وممن تقبل وممن لا يقبل منه إلا الإسلام
قال ابن حبيب : أول ما بعث الله نبيه صلىاللهعليهوسلم بالدعوة ، بعثه بغير قتال ولا جزية ، فأقام على ذلك عشر سنين بمكة بعد نبوته يؤمر بالكف عنهم ، ثم أنزل الله عليه (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) [الحجّ : الآية ٣٩] ، وأمره بقتال من قاتله والكف عمن لم يقاتله ، فقال الله عزوجل (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) [النّساء : الآية ٩٠]. ثم نزلت براءة لثمان سنين من الهجرة فأمره بقتال جميع من لم يسلم من العرب : من قاتله أو كف عنه ، إلا من عاهده ولم ينقض من عهده شيئا ، فقال : (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [النّساء : الآية ٨٩] إلى أن قال : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ) [التّوبة : الآية ٥] فلم يستثن على العرب الذين لم يتعلقوا إلى
__________________
(١) رواه مالك في الموطأ (٤٠٣) ، والبخاري (٢٠٨ و ٣٥٧) ، ومسلم (٣٣٦) و (٧٠) ، والترمذي (٢٧٣٥) وابن حبان (١١١٨) من حديث أم هانئ رضياللهعنها.
(٢) رواه أحمد في المسند (٢ / ٢١٥) رقم (٢٠١٧) ، وأبو داود (٢٧٥١) ، وابن الجارود (١٠٧٣) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهو حديث حسن.