وقد تقدم عن جابر أنه قال : إذا قال هي لك ما عشت فإنما ترجع إلى صاحبها الذي أعمرها.
وفي رواية مسدد عن يحيى عن سفيان عن حميد الأعرج عن محمد بن إبراهيم التيمي عن جابر : أن رجلا من الأنصار أعطى أمه حديقة له حياتها فماتت ، وذكر الحديث كما ذكره مسلم وهذا يقوي مذهب مالك (١).
«حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم»
في المشبهات
في الموطأ والبخاري ومسلم عن عائشة زوج النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنها قالت : كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص : أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك. قالت : فلما كان عام الفتح أخذه سعد وقال : ابن أخي ـ قد كان عهد إليّ فيه ـ فقام عبد بن زمعة وقال : أخي وابن وليدة أبي ، ولد على فراشه. فتساوقا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال سعد : يا رسول الله ابن أخي ، وقد كان عهد إليّ فيه. وقال عبد بن زمعة : أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هو لك يا عبد بن زمعة» ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الولد للفراش وللعاهر الحجر». ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لسودة بنت زمعة : «احتجبي منه» لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص ، قالت : فما رآها حتى لقي الله عزوجل (٢). وكانت سودة زوج النبيّ صلىاللهعليهوسلم لم يذكر مالك هذا في الموطأ.
في هذا الحديث من الفقه : إنفاذ وصية الكافر لأن عتبة مات كافرا ، وذلك أنه هو الذي. كسر رباعيته صلىاللهعليهوسلم في يوم أحد ، فدعا النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن لا يحول عليه الحول حتى يموت كافرا ، فما حال عليه الحول حتى مات كافرا. ذكره عبد الرزاق في مصنفه ، وكذلك ذكر ابن أبي حثمة : أنه مات كافرا.
وفيه : استلحاق الأخ ، وفي ذلك اختلاف ولا خلاف في استلحاق الابن وفيه حجة المالك في الحكم بقطع الذرايع لأن قطع الذرايع أن يمنع من المباح لئلا يوقع في الحرام ، ومثل قول الله عزوجل : (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ) [النّور : الآية ٣١]. ومثل نهيه تعالى المؤمنين أن يقولوا للنبي صلىاللهعليهوسلم : «راعنا» ، وهم لا يريدون الإذاية للنبي صلىاللهعليهوسلم ، فنهاهم الله عن ذلك بسبب قول اليهود للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : راعنا يريدون بذلك : يا أرعن.
ومثل هذا نهى الله أهل السبت عن الصيد فيه ، فأخذ بعضهم حيتانا في غير السبت فجعل كصيدهم في السبت وعذبوا على ذلك.
__________________
(١) رواه أبو داود (٣٥٥٧) من حديث جابر رضياللهعنه. وهو حديث صحيح.
(٢) رواه البخاري (٢٠٥٣) ، ومسلم (١٤٥٧) ، والموطأ (٢ / ٧٣٩) من حديث عائشة رضياللهعنها.