وأبي حنيفة في إسقاط الجائحة لأنها قد توضع عن المشتري ، ولا تسد له مسدا ويبقى عليه سائر الثمن بعد وضع الجائحة ولا يقدر عليه ، قاله الأصيلي. وقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «خمس من الحوائج : الريح ، والبرد والحريق ، والجراد ، والسيل» (١).
وفي البخاري عن زيد بن ثابت قال : كان الناس يتبايعون الثمار في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإذا حضر تقاضيهم قال المبتاع : أصاب الثمر الدّمان (٢) ، أصابه أمراض ، أصابه قشام (٣) وعاهات ، يحتجون بها فلما كثرت الخصومات عند النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «أمّا الآن فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر» كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم عنده (٤).
والقول : قول الشافعي. وهو أول قوليه أن الجائحة في القليل والكثير ، وبذلك قال أحمد وأبو عبيد.
«حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم»
فيمن يخدع في البيوع والعهدة والرهن في الطعام
إلى أجل وكتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم شراه من العدّاء
في الموطأ والبخاري ومسلم : أن رجلا ذكر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه يخدع في البيوع ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا بعت فقل : لا خلابة». فكان الرجل إذا باع يقول : لا خلابة (٥). وفي غير الكتب المذكورة : «إذا بايعت فقل : لا خلابة وأنت بالخيار ثلاثا بعد بيعك» (٦) ، وهذا الرجل هو حبّان بن منقذ.
وفي المدونة عن عمر بن الخطاب ـ رضياللهعنه ـ أنه قال : نظرت في بيوعكم فلم أجد لكم شيئا مثل العهدة التي جعلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم لحبان بن منقذ ، العهدة فيما اشترى ثلاثة أيام ، ثم قضى بذلك عبد الله بن الزبير.
__________________
بطوله. وفي إسناده عيسى بن النعمان لم نقف له على ترجمة. أقول : وله شواهد منها ما رواه مسلم (١٥٥٦) من حديث أبي سعيد الخدري رضياللهعنه.
(١) لم نجده بهذا اللفظ.
(٢) الدّمان : بفتح الميم والدال ـ فساد الطلع وتعفنه وسواده.
(٣) قشام ـ بفتح القاف ـ أن ينتقص قبل أن يصير بلحا.
(٤) رواه البخاري (٢١٩٣) معلقا : وقال الحافظ : لم أره موصولا من طريق الليث. وقد رواه سعيد بن منصور عن أبي الزناد عن أبيه نحو حديث الليث.
(٥) رواه البخاري (٢١١٧ و ٢٤٠٧ و ٢٤١٤) ، ومسلم (١٥٣٣) ، ومالك (٢ / ٦٨٥) من حديث ابن عمر رضياللهعنهما.
(٦) رواه الحاكم (٢ / ٢٢) ، والبيهقي (٥ / ٢٧٣) ، وابن حبان (٢٣٥٥) وصححه الحاكم. وقال في التلخيص : صحيح.