فلقيته بعد بمكة فقال : لا أدري بعد ثلاثة أحوال أو حولا واحدا (١). وفي البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : لما فتح الله على رسوله مكة قام في الناس خطيبا : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «إن الله حبس عن مكة الفيل ـ هكذا في البخاري في رواية الأصيلي ـ وفي رواية القابسي : القتل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنها لم تحل لأحد قبلي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، وإنها لن تحل لأحد بعدي ، ولا ينفّر صيدها ، ولا يعضد شجرها». وفي حديث آخر : «ولا يعضد عضاهها». وفي آخر : «لا يختلى شوكها ، ولا تحلّ لقطتها». وفي آخر : «لا تحل ساقطتها إلا لمنشد». وفي آخر : «إلا لمعرّف ، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدي وإما أن يقيد» ، فقال العباس : إلا الإذخر فإنه لقبورنا وصاغتنا (٢).
وفي حديث أبي هريرة لقبورنا وبيوتنا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إلا الإذخر» ، فقام أبو شاه رجل من أهل اليمن فقال : أكتب لي يا رسول الله. قال : فكتب له هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٣).
«حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم»
فيمن قال حائطي صدقة في سبيل الله إنه على الأقارب
وتوقيف مال الغائب والتوكيل على القسمة
في الموطأ والبخاري ومسلم عن أنس قال : كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا من نخل ، وكان أحب أمواله إليه : بيرحاء ، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيّب. قال أنس : فلما نزلت هذه الآية : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران : الآية ٩٢]. قام أبو طلحة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله إن الله يقول في كتابه (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران : الآية ٩٢]. وإن أحب أموالي إلى بيرحاء ، وإنها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث شئت. قال : فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بخ ذلك مال رابح ـ ويروى رابح ـ ذلك مال رائح قد سمعت ما قلت فيها وإني أرى أن تجعلها في الأقربين». فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (٤). وفي حديث آخر للبخاري : «اجعلها لفقراء قرابتك». قال أنس : فجعلها لحسّان بن
__________________
(١) رواه البخاري (٢٤٢٦ و ٢٤٣٧) ، ومسلم (١٧٢٣) ، وأبو داود (١٧١٠) من حديث سويد بن غفلة رضياللهعنه.
(٢) رواه البخاري (١١٢ و ٢٤٣٤) ، ومسلم (١٣٥٥) ، وأبو داود (٢٠١٧) من حديث أبي هريرة رضياللهعنه.
(٣) رواه البخاري (٢٤٣٤) ، ومسلم (١٣٥٥ (٤٤٧) ، والترمذي رقم (١٤٠٥).
(٤) رواه البخاري (١٤٦١ و ٢٣١٨) ، ومسلم (٩٩٨) ، والموطأ (٢ / ٩٩٥ و ٩٩٦) ، وأبو داود (١٦٨٩) من حديث أنس رضياللهعنه.