ومن قال : أمرتك لتفعل ، فقد أخبر بالعلّة التي من أجلها أمر ، فهذه اللّام تبيّن علّة وقوع الفعل ، وهي لام كي مع الأفعال. ومن هذا الباب قوله عزّ وجلّ : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(١) ، لأنّ بعض العلماء يذهب إلى أنّ التقدير : إنّما قولنا من أجل شيء إذا أردناه ، لأنّ القول عنده غير واقع بالشيء ؛ لأنّ الشيء إن كان معدوما فخطابه غير جائز ، وإن كان موجودا فهو مستغن عن التكوّن بوجوده ، ولكنّه تمثيل ، كأنه قال : إذا أردنا شيئا قلنا من أجله : كن ، فيكون. وأكثر أهل النظر يذهب إلى أنه لا قول هناك ، وأنه تمثيل للفعل ، كأنه قال : إذا أردنا تكوين شيء تكوّن ، ليدلّ على تيسير كون الأشياء عليه ، وهذا مشهور في اللّغة معروف أن يكون القول صلة للفعل ، كقولك : قلت بيدي فحرّكتها ، إنّما تريد : حرّكت يدي ، وقلت بمتاعي فرفعته ، وقال الحائط فسقط. وشبيه بهذا ما لا قول فيه على الحقيقة قول الشاعر :
امتلأ الحوض وقال قطني |
|
سلّا رويدا قد ملأت بطني (٢) |
__________________
(١) سورة النحل ١٦ : ٤٠.
(٢) رجز لم يعرف قائله. وهو بهذه الرواية في اللسان والتاج (مادة : قطط).