وبيروت في دخول المسيحيّة إليها. فبينما السيّد المسيح زار صيدا وصور وجوارهما ، ومريم العذراء رافقت ابنها إلى جوار صيدا ، وبولس الرسول مرّ في تلك النواحي ، وكانت صور أوّل مدينة فينيقيّة تنشأ فيها جالية مسيحيّة على عهد بولس الرسول ، ومن بعدها صيدا ، وبيروت قد تحوّلت بأكثريّة أبنائها نحو المسيحيّة قبل بداية القرن الرابع للميلاد ، وأصبح في هذه المدن الثلاث تنظيمات كنسيّة شملت تعيين الأساقفة وإنشاء البيع وسوى ذلك من نشاط ، كانت جبيل لا تزال على عبادة بعلها القديم ، وعلى ولائها لأدون وعشتر. وعندما عيّن بطرس الرسول تلميذه يوحنّا مرقس أسقفا على جبيل ، قامت في المدينة حركة مناهضة له ، على ما تذكر الميامر. ولم يصب جبيل شيء من شرور الإضطهاد الإمبراطوريّ للمسيحيّين في عهد" تراجان" سنة ١١٢ حيث أمر باعتبار كلّ من لا يخضع للآلهة ولا يسجد للأمبراطور خائنا يعاقب على خيانته ، ولا في عهد" داقيانوس" الذي قضى بين ٢٥٠ و ٢٥١ بمعاقبة المسيحيّين الذين يرفضون تقديم الذبائح علانية للآلهة الوثنيّة المعترف بها من قبل الأمبراطور ، فقد كانت جبيل أحد أهمّ مراكز تلك الآلهة ، ولا عانت اضطهاد" فاليران" للمسيحيّين بين ٢٥٧ و ٢٥٨ الذي أضاف إلى تدابير سلفه داقيانوس تدبيرا قضى بتحظير الإجتماع والتجمّع على المسيحيّين ، ولا الإضطهاد الكبير في عهد الأمبراطورين" ديو كليشان" ، و" مكسيميان" بين ٣٠٣ و ٣١٣ اللذين أزالا الكنائس من الوجود وأحرقا الكتب المسيحيّة وصرفا المسيحيّين عن وظائف الدولة وخيّرا كلّ مسيحيّ بين الموت أو تقديم الذبائح للآلهة ، ولم يتمكن المؤرّخون من إحصاء عدد الشهداء والمعاقين الذين سقطوا نتيجة هذه الإضطهادات الوحشيّة التي لم يشهد التاريخ لها مثيلا. إلّا أنّ دور جبيل في هذا المضمار جاء من الجهة المعاكسة ، يوم بدأت الأمبراطوريّة تميل إلى المسيحيّة ، بحيث أمر قسطنطين (إمبراطور