يكون الحمد في قباله هو التوصيف بالكمالات والفضائل ، وكل من التنزيه والتوصيف لا يكون إلا بالقول لا بالفعل كما لا يخفى.
ثالثها : أنك قد عرفت مما نقلنا (١) أن بعضهم عرفه بالثناء المطلق بقول مطلق (كالمصباح) و (شرح الصحيفة) ، وبعضهم بالثناء باللسان كذلك (كالنيشابوري) و (البيضاوي) وبعضهم بالوصف بالجميل على الجميل بقصد التبجيل لكن عرفا (كالشوارق) ، وهو راجع إلى الثناء كما لا يخفى ، والثناء مطلقا ومقيدا لا يكون إلا بالقول ولا يصدق على الفعل كما هو ظاهر.
رابعها : أن أكثرهم قد صرحوا بإن الحمد نقيض الذم بل ظاهرهم خصوص العرف كما عرفت من (الصحاح) و (المجمع) و (النيشابوري) و (البيضاوي) ، ويشهد لذلك تسمية (أم جميل) ـ حمالة الحطب زوجة (أبي لهب) ـ للنبي صلى الله عليه وآله بالمذمم في قبال تسميته عليه السلام بالمحمد ، فقالت (لع) : في هجائه صلوات الله عليه [وآله] : «مذمما أبينا ، ودينه قلينا ، وأمره عصينا» (٢).
ولا ريب أن الذم عرفا مختص بالقول ، ومقتضى المقابلة أن يكون الحمد أيضا مختصا به في العرف ، ولذا قال (النيشابوري) فيما مر من كلامه (٣) :
__________________
(١) راجع ص ١٥٨ وما بعدها.
(٢) إعلام الورى (١ / ٨٧) ومناقب ابن شهر آشوب (١ / ٦١) والبحار (١٨ / ٧٢) و (١٨ / ١٧٦) ، مجمع البيان (١٠ / ٤٧٧) ، تفسير السمعاني (٣ / ٢٤٥) وتفسير البحر المحيط (١ / ٥٢٨) ، السيرة الحلبية ص ٤٦٦ وتاريخ دمشق (٦٧ / ١٧٢) وإمتاع الأسماع (٤ / ١١٥) دلائل النبوة (٢ / ١٩٥) وتاريخ الإسلام (١ / ٥٥٢) وسبل الهدى (١٠ / ٢٥٥).
(٣) ص ١٥٩.