الإسلام (١) في (الكافي) (٢) مِن قولِ : «عدّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا» ، وليس من سُنّة الرِّواية وشَريعَة التَّحديث ، أنّ الرَّاوي إِذا سَمِع الرِّواية عَن جَماعةٍ يَرويها عَن واحدٍ مِنهم لِواحدٍ ، وعَن آخرٍ لِآخر ، وهكَذا كما وقَعَ في هذِهِ الرِّواية ، إِذ كُلّما كَثر المَروي عنهُ قويت الرِّواية ، فَإِذا اقْتَصر على النَّقل عن واحدٍ فاتَ تلك القُوَّة ، وهذَا مع كونِه خِيانةٌ في الرِّوايةِ عن (عَلْقَمَة) كَما في أوَّلِ سَنَدي (الكَامل) ، و (مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل) بالرِّوَاية عن (مَالِك الجُهَنِيّ) كما في ثَانِي سَندِيه ، أو عَن أبيهِ كما في (المِصبَاح) ، نعم إِذا كان الرَّاوي مِمَّن لَا يَرويَ إِلّا عَن ثِقةٍ ، وقَد سَمِعَ عَن جمَاعةٍ بَعضُهم ثِقة ، فلَهُ أَن يخَصَّ الثِّقةَ بالنَّقلِ عَنه ، وليسَ المَقامُ مِن هذا القضبيلِ ، إِذ المَفروض أنَّ (صَالِحَاً) قَد رَوى عنهُم جَميعاً بالتَّفرِيق ، ومِن هُنا يتجِهُ إشكالٌ آخَر ، وهو أنَّ صاحِبَ (الكَامِلِ) قَد رَوى
__________________
(١) ثقة الإسلام محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكليني الرازي ، وكان خاله علَّان الكُليني الرَّازي ، شيخ أصحابنا في وقته بالرّي ووجههم ، وكان أوثق النّاس في الحديث وأثبتهم ، صنّف الكتاب الكبير المعروف بالكليني يسمى الكافي في عشرين سنة ، وله أيضاً تعبير الرؤيا ورسائل الأئمة ، من أجل تلامذته الشيخ ابن قولويه صاحب كامل الزيارات ، توفي قدس سره ببغداد سنة ٣٢٩ ه ـ [وقيل سنة ٣٢٨ ه ـ] ، سنة تناثر النجوم ، وصلّى عليه محمد بن جعفر الحسيني أبو قيراط ، ودفن بباب الكوفة (معجم رجال الحديث ١٩ / ٥٤).
(٢) الكافي : وهو أجلُّ الكتب الأربعة الأصول المعتمدة عليه لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول. لثقة الإسلام الكليني المتقدم ذكره ، مشتمل على ٣٤ كتاباً ، و ٣٢٦ باباً وأحاديثه حصرت في ١٦ ألف حديث ، أزيد من جميع صحاح الست ، لأن الصحيحين أقل من ٧ آلاف ، كتبه في الغيبة الصغرى في مدة عشرين سنة ، ولم يصنف مثله في الإسلام ، طبع مكرراً وأشهر طبعاته في ٨ مجلدات بتحقيق علي أكبر غفاري ، وله شروح كثيرة أشهرها مرآة العقول للعلامة المجلسي (الذريعة ١٧ / ٢٤٥).