لأنّ ما ذكرت بعده ليس مبنيّا عليه فيكون مبتدأ ، ومن ذلك قولك : «مررت بمتاعك بعضه مرفوعا وبعضه مطروحا» فهذا لا يكون مرفوعا ـ أي على الابتداء ـ وجعلت مرفوعا ومطروحا حالين من بعضه ، ولم تجعله مبنيّا على المبتدأ يقول سيبويه : وإن لم تجعله حالا للمرور جاز الرفع.
١٠ ـ يجوز في البدل القطع أحيانا ولا يصحّ أحيانا.
القطع : أن تقطع البدل عن اتّباع المبدل منه في الحركات ويكون مبتدأ أو غيره ، مثال الجمع قوله تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ)(١) والأصل : وجوههم على النّصب بدلا من الذين ، ولكن أوثر في الآية القطع لأنّ المعنى بالقطع هنا أوضح وأجود.
وتقول : «رأيت متاعك بعضه فوق بعض» بعضه مبتدأ ، وفوق في موضع الخبر ويجوز أن تجعل بعضه منصوبا على أنّها بدل بعض. وفوق في موضع الحال ، وتقول : «رأيت زيدا أبوه أفضل منه» أبوه مبتدأ وأفضل خبر والجملة نعت لزيد ، يقول سيبويه : والرفع في هذا أعرف مع جواز البدلية ، ومما جاء تابعا على البدلية ـ لا على القطع ـ قول من يوثق بعربيّته ـ على ما قال سيبويه ـ «خلق الله الزّرافة يديها أطول من رجليها» فيديها بدل بعض من الزّرافة ، ويجوز فيها القطع كما قدّمنا ، ومن ذلك قول عبدة بن الطبيب :
وما كان قيس هلكه هلك واحد |
ولكنّه بنيان قوم تهدّما |
هلكه بدل اشتمال من قيس ، ويجوز على القطع فيكون هلكه مبتدأ وهلك خبر والجملة خبر كان ، ولكن هكذا ينشد ، ومثله قول رجل من بجيلة أو خثعم وقيل عديّ بن زيد :
ذريني إنّ أمرك لن يطاعا |
وما ألفيتني حلمي مضاعا |
حلمي : بدل اشتمال من ياء المتكلم من ألفيتني.
١١ ـ افتراق عطف البيان عن البدل :
يفترق عطف البيان عن البدل في أشياء منها :
(١) أنّ عطف البيان لا يكون مضمرا ولا تابعا لمضمر.
(٢) أنّه يوافق متبوعه تعريفا وتنكيرا.
(٣) أنّه لا يكون فعلا تابعا لفعل.
(٤) أنّه ليس في التّقدير من جملة أخرى.
(٥) لا ينوى إحلاله محلّ الأوّل بخلاف البدل في جميع ذلك.
بدل الاشتمال (انظر البدل ٢ ج).
__________________
(١) الآية «٦٠» من سورة الزمر «٣٩».