(ب) وجوب تقديم الخبر :
يجب تقديم الخبر في أربع مسائل :
«إحداها» : أن يكون المبتدأ نكرة ليس لها مسوّغ إلّا تقدّم الخبر ، والخبر ظرف أو جارّ ومجرور أو جملة (١) ، نحو «عندي كتاب» و «في الدّار شجرة» فإن كان للنكرة مسوّغ جاز الأمران نحو «رجل عالم عندي» و «عندي رجل عالم».
«الثانية» : أن يشتمل المبتدأ على ضمير يعود على بعض الخبر ، نحو : (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها)(٢). فلو أجزنا تقديم المبتدأ هنا لعاد الضمير على متأخّر لفظا ورتبة ، ومنه قول الشاعر :
أهابك إجلالا وما بك قدرة |
عليّ ، ولكن ملء عين حبيبها (٣) |
«الثالثة» : أن يكون الخبر له صدر الكلام نحو «أين كتابك» (٤) و (مَتى نَصْرُ اللهِ)(٥). «الرابعة» : أن يكون المبتدأ محصورا ب «إلّا» نحو «ما لنا إلّا اتّباع أحمد» أو «إنما» نحو : «إنما المقدام من لا يخشى قولة الحق».
(ج) جواز تقديم الخبر وتأخيره :
يجوز تقديم الخبر وتأخيره ، وذلك فيما فقد فيه موجبهما أي فيما عدا ما مرّ من وجوب تقديم الخبر. ووجوب تأخيره كقولك «بكر العالم». فيترجح تأخيره على الأصل ، ويجوز تقديمه لعدم المانع.
١٣ ـ حذف الخبر :
قد يحذف الخبر إذا دلّ عليه دليل جوازا أو وجوبا.
فيجوز حذف ما علم من خبر نحو : «خرجت فإذا صديقي» أي منتظر ، وقوله تعالى : (أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها)(٦) أي كذلك. ويجب حذف الخبر في أربعة مواضع :
(أ) أن يكون المبتدأ صريحا في القسم (٧) نحو «لعمرك لأقومنّ» و «آيمن الله لأجاهدنّ» أي لعمرك
__________________
(١) وإنما وجب تقديم الخبر هنا لئلا يتوهم كون المؤخر نعتا ، لأن حاجة النكرة المحضة إلى التخصيص ليفيد الإخبار عنها أقوى من المخبر.
(٢) الآية «٢٤» من سورة محمد «٤٧».
(٣) فـ «حبيبها» مبتدأ مؤخر «ملء عين» خبر مقدم ، ولا يجوز تأخير الخبر هنا أيضا لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة.
(٤) فـ «كتابك» مبتدأ مؤخر و «أين» اسم استفهام متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ولا يجوز كتابك أين ، لأن لاسم الاستفهام الصدارة.
(٥) الآية «٢١٤» من سورة البقرة «٢».
(٦) الآية «٣٥» من سورة الرعد «١٣».
(٧) أي لا يستعمل إلّا في القسم ، ويفهم منه القسم قبل ذكر المقسم عليه ، فإن قلت : «عهد الله لأكافئنك» جاز إثبات الخبر لعدم صراحة القسم ، إذ يمكن أن يستعمل في غيره نحو «عهد الله يجب الوفاء به».