قسمي ، وايمن الله يميني ، وإنما وجب حذفه لسدّ جواب القسم مسدّه.
(ب) أن يكون المبتدأ معطوفا عليه اسم بواو هي نصّ في المعيّة نحو «كلّ رجل وضيعته» (١) ولو قلت «زيد وعمرو» وأردت الإخبار باقترانهما جاز حذف الخبر اعتمادا على أنّ السامع يفهم من اقتصارك معنى الاقتران ، وجاز ذكر الخبر لعدم التّنصيص على المعيّة قال الفرزدق :
تمنّوا لي الموت الذي يشعب الفتى (٢) |
وكلّ امرىء والموت يلتقيان |
فآثر ذكر الخبر وهو يلتقيان.
(ج) : أن يكون الخبر كونا مطلقا (٣).
و «المبتدأ بعد لو لا نحو «لو لا العلماء لهلك العوام» فالهلاك ممتنع لوجود العلماء ، فالعلماء مبتدأ وخبره محذوف وجوبا ، التّقدير : لو لا العلماء موجودون لهلك العوام ، وإن كان الخبر كونا مقيّدا وجب ذكره إن فقد دليله كقوله : «لو لا زيد سالمنا ما سلم» (٤) وفي الحديث : (لو لا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم) (٥). وجاز الوجهان إن وجد الدّليل نحو : «لو لا أنصار زيد حموه ما سلم» ويجوز «لو لا أنصار زيد ما سلم» فجملة «حموه» خبر المبتدأ ويجوز حذف الخبر في المثال الثاني وهو : «لو لا أنصار زيد ما سلم».
فالمبتدأ دالّ على الحماية إذ من شأن الناصر أن يحمي من ينصره ، ومنه قول أبي العلاء يصف سيفا :
يذيب الرّعب منه كلّ عضب |
فلو لا الغمد يمسكه لسالا (٦) |
وجمهور من النحويين يوجب حذف
__________________
(١) وإعرابها : «كل» مبتدأ «رجل» مضاف إليه و «ضيعته» معطوف بالواو على «كل» والخبر محذوف وجوبا التقدير : مقرونان.
(٢) يشعب : يفرق.
(٣) وإيضاح الكون المطلق أن يقال : إن كان امتناع الجواب لمجرّد وجود المبتدأ كون مطلق ويقابله الكون المقيد ، كما إذا قيل : «هل زيد محسن إليك» فتقول «لو لا زيد لهلكت» تريد : لو لا إحسان زيد إليّ لهلكت ، فإحسان زيد مانع لهلاكي ، فالخبر كون مقيد بالإحسان والأصل في معنى «لولا» أنها حرف امتناع لوجود ، وهو الوجود المطلق.
(٤) فـ «زيد» مبتدأ وجملة «سالمنا» خبره ، وإنما ذكر الخبر هنا ، لأن وجود زيد مقيد بالمسالمة ولا دليل ـ إن حذف الخبر ـ على خصوصيتهما.
(٥) لفظ الحديث كما روي في صحيح مسلم (لو لا أن قومك حديثو عهد بجاهلية أو قال بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها من الحجر) ورواية الترمذي (لو لا أن قومك حديثو ... الحديث) وفي رواية مسلم : (لو لا حدثان قومك بالكفر لفعلت».
(٦) «يمسكه» خبر الغمد وهو كون مقيد بالإمساك ، والمبتدأ دالّ عليه ، إذ من شأن غمد السّيف إمساكه ، و «يذيب» نقيض يجمد ، «العضب» السّيف القاطع ، «الغمد» غلاف السيف.