نحو : (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ)(١) أو فعلا مضارعا عند بعضهم نحو : (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا)(٢). وهو مؤوّل بجادلنا. وقد يحذف جوابها كما في قوله تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ)(٣) أي فعلوا به ما فعلوا من الأذى. قال سيبويه : أعجب الكلمات كلمة «لمّا» إن دخلت على الماضي تكون ظرفا ، وإن دخلت على المضارع تكون حرفا ، وإن دخلت لا على المضارع ولا على الماضي تكون بمعنى «إلّا» وأمثالها كلّها تقدّمت.
لن : هي حرف نفي ونصب واستقبال ، وإنّما تقع على الأفعال نافية لقولك : سيفعل ، ولا تقتضي تأبيد النّفي ولا توكيده (٤) ، بدليل قوله تعالى : (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)(٥) فكلمة «اليوم» تنفي التّأبيد.
وقد تأتي للدّعاء نحو قول الأعشى :
لن تزالوا كذلكم ثمّ لا زل ت لكم خالدا خلود الجبال ويقول المبرّد وسيبويه : ولا تتّصل بالقسم ، كما لم تتّصل به سيفعل ، ويقول ابن هشام في المغني : وتلقّي القسم بها نادر جدّا كقول أبي طالب :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم |
حتى أوسّد في التراب دفينا |
اللهمّ : أصلها : يا الله حذف منها حرف النّداء ، وعوّض عنه الميم المشدّدة.
ولا يجوز عند سيبوية أن يوصف ، وقوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) إنما هو نداء آخر ، وخالفه المبرّد ورأى أنّه يوصف والآية دليله.
وقد يجمع بين الميم المشدّدة وحرف النداء قليلا كقول أبي خراش الهذلي :
إنّي إذا ما حدث ألمّا |
دعوت يا اللهمّ يا اللهمّا |
والأقرب أنّه للضّرورة. (انظر النداء).
اللهمّ إلّا أن يكون كذا : الشّائع استعمال «اللهمّ» في الدّعاء ، والميم فيها عوض عن حرف النّداء ، تعظيما وتفخيما ، كما مرّ قريبا ، ولذلك لا يوصف ، ثمّ إنّهم قد يأتون ب «اللهم» قبل الاستثناء ، إذا كان الاستثناء نادرا غريبا ، كأنّهم لندوره استظهروا بالله في إثبات وجوده ، وهو
__________________
(١) الآية «٣٢» من سورة لقمان «٣١».
(٢) الآية «٧٤» من سورة هود «١١».
(٣) الآية «١٥» من سورة يوسف «١٢».
(٤) بخلاف قول الزمخشري.
(٥) الآية «٢٦» من سورة مريم «١٩».