مع ان الآباء بذلوا جهدا مضنياً في تحصيل العيش ، ولكنهم لم يوفقوا في تجميع الثروة كما وفق ابنائهم لاحقاً؟ فالنتيجة اذن ، ان الجهد في المجتمع الرأسمالي ، بالاصل ، لا يضمن للانسان تراكماً غير محدود للمال.
واذا لم يكن الجهد عاملاً حاسماً في تراكم الثروة ، فلماذا يشكل تغير الادوار الاجتماعية تحدياً صارخاً لصميم نظرية العدالة الاجتماعية الرأسمالية؟ وامام هذا السؤال الكبير تعترف النظرية الرأسمالية بفشلها في تحقيق العدالة الاجتماعية لكل افراد المجتمع باعتبار ان المشكلة التي يواجهها النظام الاجتماعي تكمن في ان اعداداً كبيرة من الافراد تبحث عن عدد محدود من المراكز الاجتماعية العليا المؤثرة في النظام الاجتماعي (١). فلو اخذنا عضو مجلس الشيوخ الامريكي كمثال لفرد يحتل موقعاً متميزاً في الطبقة الرأسمالية وطبقنا فكرة « الحلم الامريكي » التي تقول بان كل فرد من افراد المجتمع له حق متساوٍ في الوصول الى اعلى منصب في النظام السياسي ، فان مائتين وخمسين مليون فرد سيتنافسون ـ نظرياً ـ على مائة منصب ؛ وهو عدد اعضاء مجلس الشيوخ. فاين موقع « الحلم الامريكي » من الذين يفشلون في الوصول الى هذا المركز الاجتماعي المتميز ، حتى لو بذلوا جهداً استثنائياً للوصول الى ذلك المركز الذي يحقق كل طموحاتهم الاجتماعية؟ ولو افترضنا ان هناك الف مؤسسة مالية كبرى تدير النظام الاقتصادي والمالي في المجتمع الرأسمالي ، وتشغل الف مدير يتمتعون بمراكز رفيعة في الطبقة الاجتماعية العليا ، فاين « الحلم الامريكي » من ملايين
__________________
(١) (جيرالد بيرمان). الطبقية في العالم الحديث. موريستاون ، نيوجرسي : مطبعة التعليم العام ، ١٩٧٣ م.