الافراد الذين لا يستطيعون الوصول الى هذه المراكز لسبب من الاسباب؟ فكيف يزعم رواد المدرسة الرأسمالية اذن بتوفر الفرص لكل افراد المجتمع للوصول الى اعلى المراكز الاجتماعية ، وتجاوز الرحلة الشاقة الطويلة من الفقر والعدم الى الغنى والثروة؟ وكيف تفسر هذه النظرية مبدأ المساواة في الحقوق اذا كانت اغلب المراكز العليا في النظام الاجتماعي محجوزة لابناء الطبقة الثرية؟ اذن فان « الحلم الامريكي » لا يعدو اكثر من شعار مزيف وجرعة مخدرة تداعب احلام الفقراء في الانتقال من مستنقع البؤس والظلم والحرمان الى عالم مليء بالملاهي والآمال الخادعة.
ولا بد ، حتى يكون الفرد مؤهلاً ـ حسب الفكرة الرأسمالية ـ للانضمام الى الطبقة العليا المسيطرة على شؤون النظام الاجتماعي ان تتوفر فيه صفتان اساسيتان ؛ هما : النسب والعلم (١). والمقصود بالنسب هو المنزلة الاجتماعية للابوين. فاذا كان الابوان من المنتسبين للطبقة العليا المسيطرة على مقدرات النظام الاجتماعي ، فان احتمال احتلال اعلى المناصب السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية للفرد يغدو امراً حتمياً. والمقصود بالعلم هنا هو حمل الشهادة الجامعية من جامعة خاصة بالطبقة العليا امثال جامعات هارفرد وييل وبرنستون واكسفورد وكامبرج ونحوها. حيث ان هذه الشهادة الجامعية هي في الواقع دليل آخر على انتماء الفرد الى الطبقة الثرية ؛ على عكس الطلبة من الطبقة الدنيا ، الذين لا يؤهلهم وضعهم الاجتماعي للتحصيل الجامعي لاسباب منها : عدم تكافؤ فرص الالتحاق بمؤسسات
__________________
(١) (اريك اولين رايت) وآخرون. « تركيبة النظام الطبقي الامريكي ». مقالة علمية في (المجلة النقدية الامريكية لعلم الاجتماع) ، عدد ٤٧ ، ١٩٨٢ م. ص ٧٠٩ ـ ٧٢٦.