أرتحنا في مكان هادئ يسمى «ساجور» (١) Saguir ، وغادرنا ذلك الموضع في صباح اليوم التالي قبل شروق الشمس بساعتين. وبعد أن سرنا طوال النهار وصلنا إلى «البير» (٢) Albir التي تقع على شاطئ الفرات الأيسر ، فتوقفنا هناك ؛ وقبل أن نعبر النهر لنمضي إلى تلك المدينة ، أنزلنا أحمالنا في الجهة اليمنى من النهر وعملنا على تعبيرها بواسطة قارب سبق أن طلبنا إعداده في «بيره جك» لهذه المهمة. ولما لم نكن بمأ من في ذلك الموضع أسرعنا بأكمال هذه الأمور إذ يتوجب علينا الحذر الشديد من اللصوص ، ولا سيما أن الليل قد جن ، لذلك عبرنا رجالا آخرين إلى جانب أولئك العاملين معنا من أجل الإسراع في تحميل البضائع ، وفي ضوء الشموع حملنا بأسرع وقت أمتعتنا وعبرنا النهر إلى الجهة اليسرى حيث مدينة «بيره جك». وهناك أوقفنا قاربنا عند بيت صاحب القوارب المدعو «مصطفى» الذي تعهد لنا بأن يقودنا إلى موقع آخر يسمى «الفلوجة» يبعد عن بغداد مسيرة يوم واحد.
ما إن توقف القارب عند بيت الرجل ، حتى أخرجنا
__________________
(١) بليدة تقع على الرافد الساجور أو الصاجور.
(٢) وهي البيرة أو بيره جك (معجم البلدان ١ : ٧٨٧) ذكرها الرحالون الذين اتخذوا هذا الطريق للقدوم إلى العراق من أمثال فيدريجي (رحلة : ص ١٦٥) وديللافاليه (رحلة : ص ١٨) وسبستياني وغيرهم.