مسجدا قال مرافقونا عنه انه مثوى واحد من أعظم أوليائهم (١). ولهذا ما أن اقتربنا من المسجد حتى هب المسلمون الذين كانوا في المركب فرفعوا أصواتهم بالدعاء ولم يتوقفوا إلى أن غاب المسجد عن أنظارهم.
ثم خلفنا وراءنا مواضع عديدة حيث يستخرج الرخام ، وغابات نخيل ، وعددا من النواعير والبيوت والجزر ، ومررنا من جديد بمنحدرات قوية وخطيرة حتى وصلنا إلى مدينة تسمى «جبة» (٢) Giuba وتقع في الساحل الأيسر من النهر ، وتحيط بها المياه من كل جانب. وهي محصنة بقلعتين في كل جهة منها. بيوتها جميلة مشيدة على الطريقة العربية ، وحقولها خصبة ، وثمارها وافرة.
هنا يدفعون للأمين شاهيين عن كل مركب ، وست قطع صابون فضلا عن صحن الزبيب.
لم نتوقف في تلك البلدة خوفا من تدخل السكان بطريقة من الطرق : أكانت بالحيلة أو الدسيسة لإنتزاع شيء من سلعنا. فما كدنا نؤدي المكس حتى أكملنا السفر ونحن نمتع الأنظار بالحقول العامرة ببساتين البرتقال والنخيل.
__________________
(١) من المحتمل أن يكون هذا المكان هو مقام الإمام الخضر في جزيرة الخزنة. قاله الأستاذ فرحان.
(٢) معجم البلدان ٢ : ١٣ ؛ موزيل وجيسني المرشد إلى موطن الآثار والحضارة ١ : ١٨.