الحسين بن أبي الخطّاب ، وأحمد بن محمّد بن عيسى ، وأحمد بن
__________________
الكافي ، ولا يصحّ الجمع بينهما بالإطلاق والتقييد ، فلا يؤيّد هذا الخبر بحديث الأصبغ كما صنع شيخنا العلامة المجلسي ـ قدسسره ـ ، كما لا يؤيّد حديث الأصبغ أيضا به ، والأولى ردّ علم مثل هذه الأحاديث إلى أهله.
ثمّ لا يخفى عليك أنّه لا يصحّ توجيه ما في هذه الرواية مع سندها الضعيف ومتنها المضطرب من تحديد مدّة الغيبة بستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ستّ سنين ، بالقول بالبداء الّذي هو من أهمّ ما ابتنى عليه تحقّق مصالح النبوّات وفوائد بعث الرسل وإنزال الكتب ، بل نظام الدين والدنيا والتشريع والتكوين ، لأنّا إنّما نقول به في الموارد الّتي ثبت بالعقل والشرع جواز وقوعه فيها ، كالآجال والأمراض والأرزاق والمنايا والبلايا بالدعاء والصدقة وصلة الرحم ، بل بالعلاج بالأدوية ، وكل عمل يؤثّر فعله أو تركه في تقديم الأجل أو تأخيره ، وفي دفع البلاء وتغيير النعم وزوالها وزيادتها ، كما حقّقناه في محله ، قال الله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) ، وقال : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) ، وقال : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) ، وقال : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) ، وفي الحديث : «سوسوا إيمانكم بالصدقة ، وحصّنوا أموالكم بالزكاة ، وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء» ، وروي : «صلة الرحم تزيد في العمر ، وتدفع ميتة السوء ، وتنفي الفقر».
وأمّا في غير هذه الموارد ممّا دلّ الدليل العقليّ أو النقليّ على عدم وقوع البداء فيه ، كإخبار الأنبياء بنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، وإخبار كلّ واحد منهم بنبوّة من يأتي بعده ، وإخبار النبيّ صلىاللهعليهوآله بإمامة أمير المؤمنين عليهالسلام ومواضعه وما يقع بينه وبين المنافقين والناكثين والقاسطين ، وإخباره بإمامة الأئمّة من ولده الى الإمام الثاني عشر عليهمالسلام ، وإخبار كلّ إمام بإمامة من يلي بعده وبصفاتهم وعلائمهم ، وإخبار الله تعالى بظهور هذا الدين على الدين كلّه ، وخروج دابّة الأرض ، وغير ذلك ممّا جاء في الكتاب ، أو ثبت الإخبار به بالسنّة من البشارات والإنذارات وما يعدّ من أمارات النبوّة والإمامة ، والإخبار بالملاحم والفتن وأحوال البرزخ والقيامة فلا يقع البداء فيها ؛ لاستلزامه نقض الغرض الكامن في النبوّات وقاعدة اللطف ، وتكذيب الرسل والأولياء ، ألا ترى أنّه لا يصحّ دعوى وقوع البداء بل وإبداء احتمال ذلك في أخبار الأنبياء السالفة وتنصيصاتهم برسالة رسول الله صلىاللهعليهوآله وبسماته وصفاته ، وأنّ مولده مكّة المكرّمة ومهجره المدينة المنوّرة ، فكما لا يقبل من أحد لم يكن