محمّد بن خالد البرقي وإبراهيم بن هاشم جميعا ، عن الحسن بن علي بن
__________________
مولده مكّة ومهجره مدينة دعوى النبوّة بدعوى وقوع البداء في ذلك ، كذلك لا يسمع من أحد إنكار نبوّة من تحقّق له ذلك بوقوع البداء في ذلك أو احتمال وقوعه فيه ؛ فالضرورة قاضية على عدم جواز وقوع البداء في هذه الامور ، وإلّا لبطلت النصوص ، ولم يصحّ الاحتجاج بها بمثل قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) ، والدلائل والعلائم المذكورة في الأحاديث لمولانا المهدي ـ بأبي هو وامّي ـ التي عرف عليهالسلام بها حكمها حكم النصوص الّتي تلوناها عليك ، ومن ذلك الأخبار بغيبته القصرى والطولى ، وأنّ علم مدّتها كعلم الساعة عند الله تعالى ، وعلى هذا لا يجوز تصحيح ما جاء في بعض ألفاظ خبر واحد عرفت حاله سندا ومتنا بأنّ مدّة الغيبة والحيرة في رأس ستّ سنين لم تنقض لوقوع البداء في ذلك فامتدّت إلى وقت لا يعلمه إلّا الله تعالى ، فلو كان هذا الخبر بهذا اللفظ على ظاهره صحيح السند ومستقيم المتن لكان عدم انقضاء مدّة الغيبة في تلك المدّة أقوى شاهد على عدم اعتباره ووقوع سهو أو اشتباه فيه لعدم جواز وقوع البداء فيه ، فضلا عمّا فيه من ضعف السند والمتن ، ومخالفته لمتنه المستقيم المروي بالسند الصحيح ، وكونه معارضا للأخبار المتواترة.
وقد ظهر لك ممّا تلونا عليك أنّ أوصاف مولانا المهدي ـ بأبي هو وامّي ـ وخصائصه وعلائم ظهوره ـ كامتلاء الأرض جورا وظلما وامتلائها به قسطا وعدلا ، وحكومته العالميّة ، وفتح مشارق الأرض ومغاربها على يده ، وظهور الإسلام به على جميع الأديان ، وغير ذلك ممّا هو مصرّح في الكتاب أو السنّة ـ لا يجوز أن يقع فيها البداء ، اللهمّ إلّا ما صرّح في الأحاديث الصحيحة بعدم حتميّتها. نعم يجوز وقوع البداء في وقت ظهوره الّذي لم نعلم وقته المعلوم ، ولذا ندعو الله لتعجيل الفرج كما امرنا به ، فالله تعالى إن شاء يعجّل ذلك ويهيّئ أسبابه ، فإنّه على ما يشاء قدير.
فإن قلت : إذا كان وقته معلوما عند الله تعالى فما فائدة الدعاء لتعجيل فرجه ، وكيف يؤثّر الدعاء فيه؟
قلت : هذا الإشكال هو الإشكال على تأثير الدعاء في قضاء الحوائج ، وعلى طلب المطالب من الله تعالى ، واستجابته للدعاء وكفاية مهمّات عباده ، وعلى تأثير الصدقة وصلة الرحم في تأخير الأجل ، وتأثير قطع الرحم في تقديمه ، وتأثير الأعمال الصالحة والشكر في بقاء النعم وتزييدها من الله تعالى ، مع أنّ كلّ ذلك معلوم له تعالى ، وهو عالم بجميع الأشياء من الأزل قبل وجودها ، لا يتغيّر علمه ولا يزيد في علمه شيء ولا