ويلاحظ أن أغلب الأحاديث المروية في فضائل سور القرآن موضوعة مكذوبة ، وضعها الزّنادقة أو أصحاب الأهواء والمطامع ، أو السؤّال الواقفون في الأسواق والمساجد ، أو واضعو الحديث حسبة كما زعموا (١).
وفي تقديري أن هذه الخطة تحقق بمشيئة الله نفعا كبيرا ، وسيكون هذا التأليف سهل الفهم ، سريع المأخذ ، محل الثقة والاطمئنان ، يرجع إليه كل باحث ومطّلع ، في وقت كثر فيه القول والدّعوة إلى الإسلام في المساجد وغيرها ، ولكن مع مجافاة الصواب ، أو الخلط ، أو مجانبة الدقة العلمية ، سواء في التفسير أو الحديث أو الإفتاء وبيان الأحكام الشرعية ، وعندها يظلّ الكتاب هو المرجع الأمين وموضع الثقة للعالم والمتعلم ، منعا من إضلال الناس والإفتاء بغير علم ، وحينئذ يتحقق بحق غرض النّبي صلىاللهعليهوسلم من تبليغ القرآن في قوله : «بلّغوا عني ولو آية» (٢) ، لأن القرآن هو المعجزة الباقية من بين سائر المعجزات.
ولعلي أكون بهذه الخطة في بيان المراد من آي كتاب الله مفردات وتراكيب ، قد حقّقت غايتي من ربط المسلم بقرآنه ، وقمت بالتّبليغ الواجب على كلّ مسلم بالرغم من وجود موسوعات أو تفاسير قديمة اعتمدت عليها ، وقد تميزت إما بالتركيز على العقائد والنّبوات والأخلاق والمواعظ وتوضيح آيات الله في الكون ، كالرّازي في التفسير الكبير ، وأبي حيان الأندلسي في البحر المحيط ، والألوسي في روح المعاني ، والكشاف للزمخشري.
وإما بتوضيح القصص القرآني وأخبار التاريخ ، كتفسير الخازن والبغوي ، وإما ببيان الأحكام الفقهية بالمعنى الضيّق للمسائل والفروع والقضايا كالقرطبي وابن كثير والجصاص وابن العربي ، وإما بالاهتمام باللغويات كالزمخشري
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١ / ٧٨ وما بعدها.
(٢) أخرجه أحمد والبخاري والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضياللهعنهما.