لكن ورد أن نساء الدنيا المؤمنات يكنّ يوم القيامة أفضل من الحور العين ، المذكورات في قول الله تعالى : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً* فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً* عُرُباً أَتْراباً* لِأَصْحابِ الْيَمِينِ) [الواقعة ٥٦ / ٣٥ ـ ٣٨]. روى الترمذي عن أم سلمة : «.. قلت : يا رسول الله ، نساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ قال : بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين ، كفضل الظهارة على البطانة. قلت : يا رسول الله ، وبم ذاك؟! قال : بصلاتهن وصيامهم وعبادتهن الله عزوجل» (١). وثبت في الصحيح أيضا : أن لكل رجل في الجنة زوجتين اثنتين. قال العلماء : إحداهن من نساء الدنيا ، والأخرى من نساء الجنة.
وتمتاز الجنة عن الدنيا بأنها دار الخلود أي الدوام والبقاء والمكث الطويل ، الذي لا بديل عنه ، وهو تمام السعادة ، وأمل المؤمنين.
فقه الحياة أو الأحكام :
تتوالى البشائر القرآنية المفرحة للنفوس ، المحرّكة للقلوب ، بأن الجنة دار النعيم الدائم المقيم هي المخصصة للمؤمنين الذين يعملون الصالحات. والإيمان بمجرده لا يكفي ، بل لا بدّ من أن ينضم إليه الطاعة والعمل الصالح. ونعيم الجنة غير محدود ورزقها لا ينقطع ، وإنما أراد الله أن يقرب لعقولنا ما أعدّ فيها ، بهذه الآية وغيرها ، وبما أن طبيعة البشر تتعلق عادة بالماديات ، أغراهم الله بما تميل إليه نفوسهم ، فوعدهم بالحقائق المادية ، المعبر عنها في آية أخرى بإيجاز : (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ ، وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ، وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) [الزخرف ٤٣ / ٧١] ، ويظل الإنسان في عالم الآخرة إنسانا لا ملكا ، وإنما تكون لذاته الإنسانية أكمل مما كان في الدنيا ، وأسلم من المنغصات.
وأما الأعمال الصالحة التي تبوّئ أصحابها الجنان : فهي كل خير أقره العرف
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٤ / ٢٩١