قول حسن كما قال القرطبي ورجحه الطبري قبله.
ويقال : إن أول من أكل من الشجرة حواء ، بإغواء إبليس إياها.
رابعا ـ عصيان آدم ثم توبته : قال جمهور الفقهاء من أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي : الأنبياء معصومون من صغائر الذنوب وكبائرها معا ، لأنّا أمرنا باتباعهم في أفعالهم وآثارهم وسيرهم أمرا مطلقا من غير التزام قرينة ، فلو جوزنا عليهم الصغائر لم يمكن الاقتداء بهم (١).
وبناء عليه ، أجيب عن خطيئة آدم التي كانت من الصغائر لا من الكبائر ، بأنها صدرت منه قبل النبوة ، والعصمة عن المخالفة إنما تكون بعد النّبوة.
أو بأن الذي وقع منه كان نسيانا ، فسمّي عصيانا تعظيما لأمره ، والنسيان والسهو لا ينافيان العصمة ، أو أن ذلك ـ على طريقة السلف ـ من المتشابه كسائر ما ورد في القصة ، مما لا يمكن حمله على ظاهره (٢). والراجح لدي أن هذه المخالفة وقعت نسيانا وسهوا ، كما قال جلّ وعزّ : (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) [طه ٢٠ / ١١٥].
وتوبة آدم كانت بقوله تعالى : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) [الأعراف ٧ / ٢٣] ، وهذا هو المروي عن ابن عباس. وروي عن ابن مسعود رضياللهعنه : إنّ أحبّ الكلام إلى الله تعالى ما قاله أبونا آدم حين اقترف الخطيئة : «سبحانك اللهم وبحمدك ، تبارك اسمك وتعالى جدّك ، لا إله إلا أنت ظلمت نفسي ، فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت».
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١ / ٣٠٨ ، تفسير الرازي : ٣ / ٧
(٢) تفسير الكشاف : ١ / ٢١٢ ، تفسير الرازي : ٣ / ٧ ، تفسير المراغي : ١ / ٩٤ ، تفسير المنار : ١ / ٢٨١