وغيبيات لا يستطيع العقل إدراكها ، ببيان قاطع وبرهان ساطع ، قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ، وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) [النساء ٤ / ١٧٤].
وسمّي فرقانا لأنه فرّق بين الحقّ والباطل ، والإيمان والكفر ، والخير والشّر ، قال الله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ ، لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) [الفرقان ٢٥ /١].
كيفية نزول القرآن :
لم ينزل القرآن جملة واحدة ، كما نزلت التوراة على موسى والإنجيل على عيسىعليهماالسلام ، لئلا يثقل كاهل المكلفين بأحكامه ، وإنما نزل على قلب النّبي الكريم صلىاللهعليهوسلم بالوحي بواسطة جبريل عليهالسلام ، منجّما أي مفرقا على وفق مقتضيات الظروف والحوادث والأحوال ، أو جوابا للوقائع والمناسبات أو الأسئلة والاستفسارات.
فمن الأول : قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) [البقرة ٢ / ٢٢١] ، نزلت في شأن مرثد الغنوي الذي أرسله النّبي صلىاللهعليهوسلم إلى مكة ، ليحمل منها المستضعفين المسلمين ، فأرادت امرأة مشركة اسمها (عناق) وكانت ذات مال وجمال ، أن تتزوجه ، فقبل بشرط موافقة النّبي صلىاللهعليهوسلم ، فلما سأله نزلت الآية ، ونزل معها آية (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [البقرة ٢ / ٢٢١].
ومن الثاني : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) [البقرة ٢ / ٢٢٠] ، و (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) [البقرة ٢ / ٢٢٢] ، و (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) [النساء ٤ / ١٢٧] ، و (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) [الأنفال ٨ / ١].
وقد بدأ نزوله في رمضان في ليلة القدر ، قال الله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ، هُدىً لِلنَّاسِ ، وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ)