إنعامه عليكم بالبعث بعد الموت ، وتعتقدوا أن الله قادر على كل شيء. والشكر المطلوب : هو الإيمان بالله وكتبه وبمحمد صلىاللهعليهوسلم.
وقال بعض المفسّرين في تفسير (بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) : علمناكم من بعد جهلكم. قال القرطبي : والأول أصح ، لأن الأصل في الكلام الحقيقة ، وكان موت عقوبة ، ومنه قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ، وَهُمْ أُلُوفٌ ، حَذَرَ الْمَوْتِ ، فَقالَ لَهُمُ اللهُ : مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) [البقرة ٢ / ٢٤٣](١).
٧ ـ ثم سترناكم بالسحاب الأبيض الرقيق من حرّ الشمس ، أثناء وجودكم في وادي التّيه بين الشام ومصر مدة أربعين سنة ، حيارى تائهين ، بعد أن خرج آباؤكم من مصر ، وجاوزوا البحر.
٨ ـ ثم أنعمنا عليكم بأنواع من الطعام والشراب كالمنّ الذي هو مثل العسل فيمزجونه بالماء ثم يشربونه ، والسلوى الذي هو طير يشبه السّماني لذيذ الطعم ، وكان المنّ ينزل عليهم نزول الضباب من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وتأتيهم السّماني ، فيأخذ كل واحد ما يكفيه إلى الغد.
وقلنا لكم : كلوا من ذلك الرزق الطيب ، واشكروا الله ، فلم يفعلوا ، وكفروا تلك النعم الجزيلة ، ولم يضروا إلا أنفسهم ، حيث قطع الله عنهم هذه النعم ، وجازاهم على مخالفتهم ، فكان. وبال العصيان عائدا عليهم.
٩ ـ واذكروا أيضا نعمتي عليكم حين قلنا لكم بعد خروجكم من التّيه : ادخلوا القرية ، قال الجمهور : هي بيت المقدس ، وقيل : أريحاء من بيت المقدس ، واسكنوا فيها ، وكلوا واشربوا منها أكلا واسعا هنيئا لا حرج فيه ، وادخلوا باب القرية ساجدين لله خاضعين مبتهلين إلى الله وحده ، شكرا لله تعالى على خلاصكم
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١ / ٤٠٥