من التّيه ، وقولوا : يا ربّنا ، حطّ عنا ذنوبنا واغفر لنا خطايانا ، وسنزيد المحسنين ثوابا من فضلنا وأجرا جزيلا. والمحسن : من صحح أساس توحيده ، وأحسن سياسة نفسه ، وأقبل على أداء فرائضه ، وكفى المسلمين شرّه.
فخالف الظالمون الأمر ولم يتبعوه ، معبرا عن المخالفة بالتبديل ، إشارة إلى أن المخالف كأنه أنكر الأمر وادعى أنه أمر بغيره ، ودخلوا زاحفين على أستاههم ، أي أدبارهم ، غير خاضعين لله ، فكان جزاؤهم إنزال العذاب الشديد من السماء وهو الرجز ، وهو في رأي جماعة من المفسّرين ، الطاعون ، بسبب فسقهم وخروجهم عن طاعة الله ، قيل : هلك منهم سبعون ألفا بالطاعون.
١٠ ـ واذكروا يا بني إسرائيل نعمة أخرى حين عطش آباؤكم من شدّة الحرّ في التّيه ، وطلبوا من موسى عليهالسلام السقيا ، فأمره الله أن يضرب بعصاه أي حجر ، فضرب فانفجرت منه المياه المتدفقة بقوة ، وخرجت منه اثنتا عشرة عينا ، لكل جماعة منهم عين يشربون منها حتى لا تقع بينهم الشحناء ، وكانوا اثني عشر سبطا ، وهم ذرية أبناء يعقوب الاثني عشر ، وقال الله لهم : كلوا من المنّ والسلوى ، واشربوا من هذا الماء ، من غير تعب ، ولا تفسدوا في الأرض بأن تنشروا الفساد في الأرض ، وتكونوا قدوة لغيركم فيه ، أو لا تتمادوا في الفساد في حالة إفسادكم.
وكان تفجير الماء بعصا موسى معجزة ظاهرة له ، وهي لا تكون لغير نبي ، والمراد بالحجر الجنس ، أي اضرب الشيء الذي يقال له الحجر ، قال الحسن البصري : لم يأمره أن يضرب حجرا بعينه ، وهذا أظهر في الحجة ، وأبين في القدرة.
فقه الحياة أو الأحكام :
إن مخاطبة بني إسرائيل المعاصرين لنزول القرآن وتذكيرهم بالنّعم التي أنعم