بسبب فسقهم كما قال تعالى : (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) ، وفي سورة الأعراف : (بِما كانُوا يَظْلِمُونَ) (١٦٢) ، والفسق في الشرع : عبارة عن الخروج من طاعة الله إلى معصيته. وهذا الفسق هو الظلم المذكور في قوله تعالى : (عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) وفائدة التكرار : التأكيد ، والحق كما قال الرازي (١) : أنه غير مكرر لوجهين : الأول : أن الظلم قد يكون من الصغائر ، وقد يكون من الكبائر. الثاني : يحتمل أنهم استحقوا اسم الظالم بسبب ذلك التبديل ، فنزل الرجز عليهم من السماء ، بسبب ذلك التبديل ، بل للفسق الذي كانوا فعلوه قبل ذلك التبديل ، وعلى هذا الوجه يزول التكرار.
وأفادت آية (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ) تقرير سنة الاستسقاء ، بإظهار العبودية والفقر والمسكنة والذّلة مع التوبة النصوح. وقد أقرت شريعتنا سنة الاستسقاء بالخروج إلى المصلى والخطبة والصلاة في رأي جمهور العلماء ، لأن نبينا محمدا صلىاللهعليهوسلم استسقى ، فخرج إلى المصلّى متواضعا متذلّلا مترسلا متضرعا. وذهب أبو حنيفة إلى أنه ليس من سنّة الاستسقاء صلاة ولا خروج ، وإنما هو دعاء لا غير ، واحتج بحديث أنس في صحيحي البخاري ومسلم. قال القرطبي : ولا حجة له فيه ، فإن ذلك كان دعاء عجّلت إجابته ، فاكتفى به عما سواه ، ولم يقصد بذلك بيان سنته ، ولما قصد البيان بيّن بفعله ، حسبما رواه مسلم عن عبد الله بن زيد المازني ، قال : «خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المصلى ، فاستسقى ، وحوّل رداءه ، ثم صلّى ركعتين» (٢).
ودلّ قوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) ، و (وَلا تَعْثَوْا) ، على إباحة النّعم وتعدادها ، والنهي عن المعاصي والإنذار بعقوبتها وأضرارها.
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣ / ٩١ ـ ٩٢
(٢) تفسير القرطبي : ١ / ٤١٨