عَلَيْكُمْ) من العذاب ، ليقولوا : نحن أحب إلى الله منكم ، وأكرم على الله منكم (١).
التفسير والبيان :
حرص النّبي صلىاللهعليهوسلم وصحابته على انضمام أهل الكتاب (اليهود والنصارى) إلى دعوته والإيمان برسالته في مواجهة المشركين ، لوجود جسور التقاء معهم من الإيمان بوجود الإله والتصديق بالأنبياء وبالبعث واليوم الآخر. وقد روي أنها نزلت في الأنصار الذين كانوا حلفاء لليهود ، وبينهم جوار ورضاعة ، وكانوا يودون لو أسلموا ، فأنزل الله : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ).
فجاءت هذه الآيات ، في أثناء بيان قبائح اليهود ، توضح خطابا للنبيصلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ، ما بدد الآمال والأطماع في إيمان اليهود ، لأن منهم جماعة ـ وهم فئة من الأحبار والرؤساء ـ كانوا يسمعون كلام الله ، ثم يبدلونه أو يؤولونه بحسب أهوائهم وميولهم ، وليس الحاضرون أحسن حالا من الغابرين ، لأنهم ورثوا الاستكبار من أسلافهم ، وهم يعلمون أن هذا العمل يتنافى مع الحقيقة والواقع ، فكيف تطمعون إذن في إيمان من له سابقة في الضلال؟!
وسبب آخر يدعو إلى عدم إيمانهم هو أن منافقيهم إذا قابلوا المؤمنين قالوا : نحن مؤمنون بالله وبالنبيّ كإيمانكم ، إذ هذا النبي هو المبشر به عندنا ، فنحن معكم ، وإذا انفردوا مع بعضهم قالوا : كيف تحدثون أتباع محمد بما أنزل الله عليكم في التوراة؟ كيف تفعلون هذا ، وهم يحتجون عليكم بكلامكم ، ويخاصمونكم به عند ربكم يوم القيامة؟ أتذيعون أسراركم التي تضركم؟ فيرد الله عليهم :
ألا يعلمون أن الله تعالى يعلم السر والعلن ، ويعلم الغيب والشهادة ، فسواء أعلنتم سرا أم أضمرتموه ، فإن الله سيجازيكم على أعمالكم.
__________________
(١) أسباب النزول للسيوطي بهامش تفسير الجلالين : ص ١٦