ولبئس ما باعوا به أنفسهم باتخاذ السحر محل التوراة ، فهم جهلة لا يعلمون حرمة السحر علم اعتقاد وامتثال ، لأنهم لم يعملوا بالعلم الصحيح ، وإنما اكتفوا بعلم مبهم لا أثر له في النفس.
ولو أنهم أي اليهود آمنوا الإيمان الحق بالتوراة ، وفيها البشارة بنبي آخر الزمان ، وآمنوا بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وبالقرآن ، وتركوا كتب السحر والشعوذة ، واتقوا الله بالمحافظة على أوامره واجتناب نواهيه ، لاستحقوا الثواب العظيم من عند الله ، جزاء على أعمالهم الصالحة ، وهو خير لهم لو كانوا يعلمون العلم الصحيح ، ولكنهم في الواقع لم يكونوا على علم حقيقي وإنما على ظن وتقليد ، إذ لو كانوا على علم ، لظهرت نتائجه في أعمالهم ، ولآمنوا بالنبيصلىاللهعليهوآلهوسلم واتبعوه وصاروا من المفلحين ، ولما خالفوا كتاب الله ، واتبعوا أهواءهم. فهم حين لم يعملوا بعلمهم الأصيل ، جعلوا كأنهم غير عالمين.
فقه الحياة أو الأحكام :
السحر : أصله التمويه بالحيل والتخاييل ، وهو أن يفعل الساحر أشياء ومعاني ، فيخيل للمسحور أنها بخلاف ما هي به ، كالذي يرى السراب من بعيد ، فيخيل إليه أنه ماء ، وكراكب السفينة السائرة بسرعة يخيل إليه أن ما يرى من الأشجار والجبال سائرة معه.
وجاء ذكر السحر في القرآن في مواضع كثيرة ، ولا سيما في قصص موسى وفرعون ، ووصفه بأنه خداع وتخييل للأعين حتى ترى ما ليس بكائن كائنا ، كما قال تعالى : (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) [طه ٢٠ / ٦٦] وقال : (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) [الأعراف ٧ / ١١٦].
وروى مالك وأبو داود عن بريدة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن