السحر يعتمد في الغالب على الخداع والتخييلات والتمويهات ، وإن السحرة نصابون يسلبون أموال الناس ، وهم في فقر دائم ، ولو كانوا قادرين على ما يدعونه لأغنوا أنفسهم ، وحققوا الأمجاد بإزالة الممالك ، واستخراج الكنوز ، والغلبة على البلدان ، والاستغناء عن طلب ما في أيدي الناس ، كما قال أبو بكر الجصاص الرازي (١).
يتبين مما ذكر ما يأتي :
١ ـ السحر في اللغة : كل ما لطف مأخذه وخفي.
٢ ـ السحر كما وصفه القرآن تخيل يخدع الأعين ، فيريها ما ليس كائنا أنه كائن.
٣ ـ السحر إما حيلة وشعوذة أو صناعة علمية خفية يعرفها بعض الناس ، ومنه تأثير الأرواح والتنويم المغناطيسي.
٤ ـ حكاية القرآن : (يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) ليس دليلا على أن السحر يفعل هذا ، وإنما هي حكاية لما كان معروفا عندهم.
٥ ـ السحر لا يؤثر بطبعه ولا أثر له في نفسه ، وإنما هو سبب ، وما يترتب عنه من أضرار من قبيل ربط المسببات بالأسباب ، كما نصت الآية : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) [البقرة ٢ / ١٠٢].
٦ ـ دلت الآية على أن عمل السحر كفر وهو قول مالك وأبي حنيفة ، لقوله تعالى: (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) أي من السحر ، وقوله : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) أي بعمل السحر ، وقوله : (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا) أي به وبتعليمه ، وقوله عن هاروت وماروت : (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ).
__________________
(١) أحكام القرآن : ١ / ٤٨