ورأى الشافعي أن السحر معصية : إن قتل بها قتل ، وإن أضرّ بها أدّب على قدر الضرر. والرأي الأول أصح ، لأن السحر كلام يعظم به غير الله تعالى ، مثل سحر أهل بابل الذي كان تعظيما للكواكب ، وهو رأي عمر وعثمان وابن عمر وحفصة وأبي موسى الأشعري وقيس بن سعد وسبعة من التابعين.
لكن تكفير السحرة محصور بمن يعظم الكواكب ، ويسند الحوادث إليها ، أو يزعم أنه يقدر على خوارق العادات ، لأنه يدعي أنه يقدر على مثل معجزات الأنبياء.
أما الإفساد بالنميمة أو خفة اليد ، دون ادعاء ما ذكر ، فلا يكون كفرا ، ولا يعد فاعله كافرا.
٧ ـ عقوبة الساحر : للعلماء رأيان في قتل الساحر ، قال الجمهور (أبو حنيفة ومالك وأحمد) : يقتل الساحر ، لقوله صلىاللهعليهوسلم : «حدّ الساحر ضربه بالسيف» (١) وإذا عمل المسلم السحر ، كان مرتدا ، فيقتل لقوله صلىاللهعليهوسلم : «من بدّل دينه فاقتلوه».
ويقتل الساحر ولا تقبل توبته في رأي أبي حنيفة ، سواء أكان مسلما أم ذميا ، لأن الساحر جمع إلى كفره السعي في الأرض بالفساد ، فأشبه المحارب (قاطع الطريق). ولا يقتل الساحر الذمي في رأي مالك إلا أن يقتل بسحره ، ويضمن ما جنى ، ويقتل إن جاء منه ما لم يعاهد عليه (٢).
٧ ـ أجاز سعيد بن المسيب والمزني أن يطلب من الساحر حل السحر عن المسحور ، قال ابن بطال : وفي كتاب وهب بن منبّه : أن يأخذ سبع ورقات من
__________________
(١) أخرجه الترمذي عن جندب ، لكنه ليس بالقوي ، انفرد به إسماعيل بن مسلم ، وهو ضعيف.
(٢) أحكام القرآن للجصاص : ١ / ٥٠ وما بعدها ، تفسير القرطبي : ٢ / ٤٧ وما بعدها.