المناسبة العامة للآيات :
بعد أن ذكّر الله تعالى بني إسرائيل نعمه ، وأبان كيف قابلوا النعم بالكفر والجحود ، أعقب ذلك بقصة إبراهيم عليهالسلام أبي الأنبياء ، الذي يزعم اليهود والنصارى انتماءهم إليه ، ولو صدقوا لا تبعوا النبي محمدا صلىاللهعليهوسلم ، لأنه أثر دعوة أبيه إبراهيم حين دعا لأهل الحرم ، فالكلام كله متصل مع أهل الكتاب.
التفسير والبيان :
واذكر يا محمد لقومك المشركين وغيرهم حين اختبر الله إبراهيم ببعض التكاليف من أوامر ونواه ، فأتى بها على وجه الكمال ، وأداها خير أداء ، كما قال سبحانه : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [النجم ٥٣ / ٣٧]. وبما أن الله تعالى عالم بصدق المختبر ، فكان المراد أنه عامله معاملة المختبر ، ليظهر ذلك للخلق.
والمراد من ذكر الوقت في قوله (وَإِذِ ابْتَلى) ما وقع فيه من الحوادث. ولم يعين القرآن الكلمات ، فقيل : هي مناسك الحج ، وقيل : إنها الكوكب والشمس والقمر التي رآها واستدل بأفولها على وحدانية الله تعالى ، وقيل : غير ذلك.
فجازاه الله تعالى أحسن الجزاء ، وقال له : إني جاعلك للناس رسولا وإماما تؤمهم في دينهم ، ويأتمون بك في هذه الخصال ، ويقتدي بك الصالحون ، فدعا الناس إلى ملة التوحيد ونبذ الشرك.
قال إبراهيم : وجاعل بعض ذريتي كذلك؟ متمنيا لذريته الخير في سلوكهم ودينهم وأخلاقهم ، ولا غرو فالإنسان يتمنى أن يكون ابنه أحسن منه.
فأجابه الله تعالى : أجبتك إلى طلبك ، وسأجعل من ذريتك أئمة للناس ، ولكن لا ينال عهدي بالإمامة أو النبوة الظالمين الذين ظلموا أنفسهم ، إذ هم لا يصلحون أن يكونوا قدوة للناس ، لأن الإمام قدوة للناس في حراسة الدين