وأهله وحمل الأتباع على الاستقامة ، ومنع الجور ، فإذا كان الإمام ظالما لنفسه بالانحراف ، فكيف يقوّم غيره؟ والمراد بالعهد : النبوة أو الإمامة.
وفيه دليل على مقت الظلم ، والتنفير من الظالمين ، والبعد عنهم.
ثم ذكرّ الله تعالى العرب في هذه الآيات بنعم كثيرة ، منها : جعل البيت الحرام (الكعبة) مرجعا للناس يقصدونه ، ومآبا يثوبون إليه للعبادة وقت الحج وغيره ، وفي ذلك تنشيط لحركة التجارة والاقتصاد وجلب الخير ، ومنها جعله مأمنا يطمئن إليه الأفراد من المخاوف ، فمن دخله كان آمنا ، ويتخطف الناس من حوله ، كما قال سبحانه : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً ، وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ، أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ ، وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ؟) [العنكبوت ٢٩ / ٦٧].
ثم أمر الله المسلمين أن يتخذوا من مقام إبراهيم مصلّى ، بأن يفضلوه على غيره في الصلاة ، لشرفه بقيام إبراهيم فيه ، فالأمر فيه للندب ، لا للوجوب ، والمسلمون مأمورون بذلك كما أمر به المؤمنون المعاصرون لإبراهيم الخليل عليهالسلام.
وهذا البيت طاهر مطهر ، وصينا إبراهيم وإسماعيل بتطهيره من الأوثان وعبادة الأصنام التي كان عليها المشركون قبل أن يصير في يد إبراهيم عليهالسلام ، وتطهيره من كل رجس حسي أو دنس معنوي كاللغو والرفث والتنازع فيه ، حين أداء المناسك والعبادات كالطواف والسعي بين الصفا والمروة ، والإقامة فيه ، والركوع والسجود ، وقد روي عن النّبيصلىاللهعليهوسلم : أنه لما فتح مكة ، دخل المسجد ، فوجدهم قد نصبوا على البيت الأوثان ، فأمر بكسرها ، وجعل يطعن فيها بعود في يده ، ويقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ ، إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) [الإسراء ١٧ / ٨١].
وفيه أن إبراهيم ومن بعده كانوا مأمورين بهذه العبادات ، وإن لم تعرف