ولأهل الكتاب من الإعراض عن دعوة الإسلام ، فالله تعالى خص طلب الرزق للمؤمنين ، إشارة إلى جدارتهم واستحقاقهم له.
فقه الحياة أو الأحكام :
النبوة أو الإمامة في الدين الصالحة الدائمة الأثر تتطلب الاستقامة على أوامر الله واجتناب نواهيه ، والإمامة المؤقتة القائمة على الانحراف والظلم تحفر لنفسها قبرها بيدها ، وتدمر كيانها ، وتقوض عرش وجودها. فالظلم مانع من الإمامة ومن اتخاذ الظالم قدوة للناس. ولا تكون الإمامة الصالحة أو النبوة إلا للأفاضل الذين يعملون الصالحات ، ويرشدون إلى الخير ، ويزجرون أنفسهم وغيرهم عن الشر والآثام ، ولا حظّ للظالمين في شيء من هذا ، لأن الظلم مؤذن بخراب المدنيات ، وتدمير الحضارة والعمران.
واستدل جماعة بهذه الآية على أن الإمام يكون من أهل العدل والإحسان والفضل ، مع القوة على القيام بذلك. فأما أهل الفسوق والجور والظلم ، فليسوا له بأهل ، لقوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
والذي عليه أكثر العلماء : أن الصبر على طاعة الإمام الجائر أولى من الخروج عليه ، لأن في منازعته والخروج عليه استبدال الأمن بالخوف ، وإراقة الدماء ، وانطلاق أيدي السفهاء ، وشن الغارات على المسلمين ، والفساد في الأرض.
وإن تعظيم البيت الحرام بالطواف حوله والسعي فيه أمر قديم من عهد أبينا إبراهيمعليهالسلام ، وتخصيصه بالاتجاه إليه رمز لوجوده تعالى هناك ، مع أن ذاته العلية لا تتحدد بمكان ، وحضوره تعالى معناه حضور رحمته ، وإفاضة فضله ، وإسباغ نعمه ، وإجابة الدعاء فيه.
والجدير بالرزق الإلهي : من آمن بالله واليوم الآخر ، وأطاع ربه ، واستقام على أوامر الله ، واجتنب ما نهى الله عنه.