مسلم مؤمن ، لقوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [آل عمران ٣ / ١٩] فدل على أن الإسلام هو الدين ، وأن من ليس بمسلم فليس بمؤمن.
ووصى بالإسلام إبراهيم ويعقوب ، لأنه الدين الحق ، وبنو إبراهيم : إسماعيل ، وأمه هاجر القبطية ، وهو أكبر ولده ، نقله إلى مكة وهو رضيع له سنتان ، وولد قبل أخيه إسحاق بأربع عشرة سنة ، ومات وله مائة وسبع وثلاثون سنة ، وكان سنه يوم مات أبوه إبراهيم عليهماالسلام تسعا وثمانين سنة ، وهو الذبيح في قول مشهور. وإسحاق : أمّه سارة ، وهو الذبيح في قول آخر ، وهو الأصح في رأي القرطبي (١). ومن ولده : الروم واليونان والأرمن ونحوهم وبنو إسرائيل ، وعاش إسحاق مائة وثمانين سنة ، ومات بالأرض المقدسة ، ودفن عند أبيه إبراهيم الخليل عليهماالسلام. ودخل يعقوب فيمن أوصى إبراهيم.
ولم ينقل أن يعقوب أدرك جده إبراهيم ، وإنما ولد بعد موت إبراهيم ، وأوصى يعقوب بنيه كما فعل إبراهيم ، عاش يعقوب مائة وسبعا وأربعين سنة ، ومات بمصر ، وأوصى أن يحمل إلى الأرض المقدسة ، ويدفن عند أبيه إسحاق ، فحمله يوسف ودفنه عنده.
وبما أن الإسلام قديم وهو دعوة كل الأنبياء ، أوصى إبراهيم ويعقوب بالتزامه ، فقالا : الزموا الإسلام وداوموا عليه ولا تفارقوه حتى تموتوا ، فأتى بلفظ موجز يتضمن المقصود ، ويتضمن وعظا وتذكيرا بالموت ، وذلك أن المرء يتحقق أنه يموت ، ولا يدري متى ، فإذا أمر بأمر لا يأتيه الموت إلا وهو عليه ، فقد توجه الخطاب من وقت الأمر دائبا لازما.
فظاهر قوله تعالى : (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) : وهو النهي عن
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢ / ١٣٥ والأصح كما سيأتي في سورة (الصافات) أن الذبيح هو إسماعيل عليهالسلام.