يقرأ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» (١) أي أن أهل المدينة كانوا لا يقرءون البسملة في صلاتهم في مسجد المدينة ، إلا أن الحنفية قالوا : يقرأ المنفرد : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، مع الفاتحة ، في كل ركعة سرا ، فهي قرآن ، لكنها ليست بعض السورة ، وإنما هي للفصل بين السور. وقال المالكية : لا يقرؤها في الصلاة المكتوبة ، جهرا كانت أو سرا ، لا في الفاتحة ، ولا في غيرها من السور ، ويجوز قراءتها في النافلة. وقال القرطبي : الصحيح من هذه الأقوال قول مالك ، لأن القرآن لا يثبت بأخبار الآحاد ، وإنما طريقه التواتر القطعي الذي لا يختلف فيه (٢) ، لكن هذا غير ظاهر ، لأنه ليس بلازم تواتر كل آية.
وقال عبد الله بن المبارك : إنها آية من كل سورة ، لما رواه مسلم عن أنس قال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم بين أظهرنا إذا أغفى إغفاءة ، ثم رفع رأسه متبسما ، فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله؟ قال : «نزلت علي آنفا سورة» فقرأ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)[الكوثر ١٠٩ / ١ ـ ٣ ـ].
وقال الشافعية والحنابلة : البسملة آية من الفاتحة ، يجب قراءتها في الصلاة ، إلا أن الحنابلة قالوا كالحنفية : يقرأ بها سرا ، ولا يجهر بها. وقال الشافعية : يسرّ بها في الصلاة السرية ، ويجهر بها في الصلاة الجهرية ، كما يجهر في سائر الفاتحة. ودليلهم على كونها آية في الفاتحة : ما رواه الدار قطني عن أبي هريرة عن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا قرأتم : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، فاقرؤوا (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، إنها أم القرآن ، وأم الكتاب ، والسبع المثاني ، و (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أحد آياتها» وإسناده صحيح.
__________________
(١) رواه مسلم وأحمد.
(٢) تفسير القرطبي : ١ / ٩٣