ـ تأثرا بروايات إسرائيلية ـ أحدث شرخا غير مقصود في عصمة بعض الأنبياء ، واصطدم مع بعض النظريات العلمية التي أصبحت يقينية الثبوت بعد غزو الفضاء ، واتساع ميادين الكشوف العلمية الحديثة ، علما بأن دعوة القرآن تركزت على إعمال العقل والفكر وشحذ الذهن وتسخير المواهب في سبيل الخير ، ومحاربة الجهل والتخلف.
وهد في الأصيل من هذا المؤلّف هو ربط المسلم بكتاب الله عزوجل ربطا علميا وثيقا : لأن القرآن الكريم هو دستور الحياة البشرية العامة والخاصة ، للناس قاطبة ، وللمسلمين خاصة ، لذا لم أقتصر على بيان الأحكام الفقهية للمسائل بالمعنى الضيق المعروف عند الفقهاء ـ وإنما أردت إيضاح الأحكام المستنبطة من آي القرآن الكريم بالمعنى الأعم الذي هو أعمق إدراكا من مجرد الفهم العام ، والذي يشمل العقيدة والأخلاق ، والمنهج والسلوك ، والدستور العام ، والفوائد المجنية من الآية القرآنية تصريحا أو تلميحا أو إشارة ، سواء في البنية الاجتماعية لكل مجتمع متقدم متطور ، أم في الحياة الشخصية لكل إنسان ، في صحته وعمله وعلمه وتطلّعاته وآماله وآلامه ودنياه وآخرته ، تجاوبا في المصداقية والاعتقاد مع قول الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال ٨ / ٢٤].
ـ إنه الحق سبحانه وتعالى ورسول الحق في هذه الآية اللذان يدعوان كل إنسان في هذا الوجود إلى الحياة الحرة الكريمة الشريفة بكل صورها ومعانيها.
ـ إنه الإسلام الذي يدعو إلى عقيدة أو فكرة تحيي القلوب والعقول ، وتطلقها من أوهام الجهل والخرافة ، ومن ضغط الوهم والأسطورة ، وتحرر الإنسان من العبودية لغير الله ، ومن الخضوع للأهواء والشهوات ، ومن طغيان المادية القاتلة للشعور الإنساني السامي.