«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» ، وحديث : «صلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصبح ، فثقلت عليه القراءة ، فلما انصرف ، قال : إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم؟» قال : قلنا : يا رسول الله ، إي والله ، قال : «لا تفعلوا إلّا بأمّ القرآن ، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ فيها»(١) ، فهو نص صريح خاص بقراءة المأموم ، دال على فرضيتها ، وظاهر النفي متجه إلى الإجزاء ، أي لا تجزئ ، وهو كالنفي للذات في المآل ، وقراءة الفاتحة مستثناة من النص القرآني الآمر بالاستماع إلى القرآن والإنصات له.
ورأى المالكية والحنابلة : أنه لا يقرأ المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية ، وإنما يستحب أن يقرأها في السرية ، لأن الأمر القرآني بالاستماع والإنصات للقرآن خاص بالصلاة الجهرية ، بدليل «أن النّبي صلىاللهعليهوسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة ، فقال : هل قرأ أحد منكم آنفا؟ فقال رجل : نعم ، يا رسول الله ، قال : فإني أقول : ما لي أنازع القرآن ، فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما يجهر فيه من الصلوات بالقراءة ، حين سمعوا ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوسلم» (٢). وهذا صريح في كراهة القراءة للمؤتم حالة الجهر.
وأما دليلهم على استحباب القراءة في حالة السرّ : فهو قول النّبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا أسررت بقراءتي فاقرءوا» (٣).
٣ ـ استحضار معاني الفاتحة : على المصلي أن يستحضر في صلاته كل معاني الفاتحة من كون الله أعظم من كل عظيم ، وأكبر من كل شيء ، وأن كل ثناء جميل هو لله تعالى استحقاقا وفعلا ، من حيث إنه الرّب خالق العالمين ومدبّر جميع
__________________
(١) رواه أبو داود والترمذي وأحمد وابن حبان.
(٢) رواه أبو داود والنسائي والترمذي عن أبي هريرة ، وقال : حديث حسن.
(٣) رواه الدار قطني والترمذي.