أمورهم ، وأنّ رحمة الله مقرونة بعظمته وملكه وسلطانه وتصرفه دون غيره يوم الحساب ، فهو المستحق للعبادة وحده ، ومنه وحده تطلب المعونة على العبادة وعلى جميع الشؤون ، وهو سبحانه الدّال بتوفيقه ومعونته إلى طريق الخير والحق في العلم والعمل ، وللمؤمن في مناجاته قدوة حسنة وهم أولئك الذين أنعم الله عليهم بالإيمان والعمل الصالح ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، كما أن أمامه عبرة وعظة وهم الذين غضب الله عليهم بإيثارهم الباطل على الحق ، وترجيحهم الشّر على الخير ، والضّالون عن طريق الحق والخير بجهلهم ، الذين ضلّ سعيهم في الحياة ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، فمصيرهم إلى جهنم وساءت مصيرا.
وأما الذين جاءوا على فترة من الرّسل كأهل الفترة في عصر الجاهلية ، فلا يكلفون في رأي الجمهور بشريعة ، ولا يعذبون في الآخرة ، لقوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [الإسراء ٧ / ١٥]. وقال جماعة من العلماء : إنهم يكلّفون ويعذّبون ، لأن العقل وحده كاف في التكليف ، فمتى أوتيه الإنسان ، وجب عليه النظر في ملكوت السموات والأرض ، والتدبّر والتفكّر في خالق الكون ، وما يجب له من عبادة وإجلال ، بقدر ما يهديه عقله ، ويصل إليه اجتهاده ، وبذلك ينجو من العذاب.
٤ ـ قراءة غير العربي : أجمع الفقهاء على أنه لا تجزئ قراءة القرآن بغير العربية ، ولا الإبدال بلفظها لفظا عربيا ، سواء أحسن قراءتها بالعربية أو لم يحسن ، لقوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا) [يوسف ١٢ / ٢] ، وقوله سبحانه : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء ٢٦ / ١٩٥] ، ولأن القرآن معجزة بلفظه ومعناه ، فإذا غيّر خرج عن نظمه ، فلم يكن قرآنا ولا مثله ، وإنما يكون تفسيرا له ، والتفسير غير المفسر ، وليس هو مثل القرآن المعجز المتحدي بالإتيان بسورة مثله.