أعمالهم ، لا يظلمهم خيرا ، ولا يزيدهم شرا ، بل يجازي كل عامل بعمله.
ثم بيّن تعالى ما امتن وتفضل به على الناس ، فأرسل نبيه محمدا متصفا بأوصاف ومكلفا بمهام هي :
ـ إنه عربي من ولد إسماعيل من جنس قومه ، مما يدعوهم إلى الاهتداء به والثقة برسالته ، فضلا عن أنهم شرفوا به ، كما قال تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) [الزخرف ٤٣ / ٤٤] وتخصيصهم بالذكر يقتضيهم مزيد الانتفاع به ، وإن كان هو للناس كافة ، كما قال تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء ٢١ / ١٠٧].
ـ إنه يتلو عليهم آيات الله الدالة على قدرته ووحدانيته وعلمه وكمال أوصافه ، كما أشار تعالى في آية : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ) [آل عمران ٣ / ١٩٠].
ـ إنه يزكيهم ويطهرهم من زيف الوثنية وفساد العقيدة الجاهلية ، كاعتقادهم بتأثير الأصنام والأحجار ، وبدلالة الطير ، وغير ذلك من الأوهام والخرافات ، وينقلهم إلى معطيات العقل الصحيح والفكر الناضج ، والمدنية والحضارة ، وإقامة الدولة والإدارة والسياسة التي تفاخر العالم وتنافس المجتمع الدولي القائم ، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، لتزكو نفوسهم وتطهر من الدنس والخبث الذي كانوا متلبسين به في حال شركهم وجاهليتهم.
ـ إنه يعلمهم القرآن والسنة ، فيصبح منهم العلماء والكتاب والحكماء والقادة وأساتذة العلوم والمعارف والثقافات المتنوعة ، وإن كانوا من قبل هذا الرسول لفي غي وجهل ظاهر ، إذ كانوا أمة أمية ، فأصبحوا بنور الإسلام ، وعلم القرآن ، ومعرفة الحياة أمة متمدنة متحضرة نافست الأمم الأخرى وسبقتهم.