الألف الذين خرج بهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم رجعوا من الطريق ، وهم ثلاثمائة ليخذلوا المسلمين ويوقعوا فيهم الهزيمة.
إنهم بمقالتهم هذه : (لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً) أقرب إلى الكفر يومئذ منهم إلى الإيمان ، لظهور القرائن والأمارات برجوعهم وتصميمهم على إيقاع الهزيمة بالمسلمين ، فإن من يتخاذل عن الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الأوطان عند هجوم الأعداء ليس من المؤمنين ، لقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا ، وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ، أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحجرات ٤٩ / ١٥].
واستدلوا بآية (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ) على أن الشخص قد تتقلب به الأحوال ، فيكون في حال أقرب إلى الكفر ، وفي حال أقرب إلى الإيمان.
إنهم يقولون القول ولا يعتقدون صحته ، ويقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ، وهذا شأن المنافقين ، ومنه قولهم : (لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ) فإنهم ـ كما بينا ـ يعلمون أن جندا من المشركين قد جاؤوا من بلاد بعيدة يتحرقون على المسلمين بسبب ما أصيب من أشرافهم يوم بدر ، وهم أضعاف المسلمين ، ويعلمون أنه كائن بينهم قتال لا محالة ؛ مما يدل على أنهم كاذبون في كل ما يقولون. ولهذا قال تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) من الكفر والكيد للمسلمين ، وهذا تهديد واضح وافتضاح علني أنه لا ينفعهم النفاق ، فهو بضاعة مزجاة ؛ لأن الله أعلم بسرائرهم ونواياهم.
ومن أقوالهم أيضا بعد القتال في أحد أنهم قالوا لأجل إخوانهم الذين قتلوا في وقعة أحد : لو سمعوا من مشورتنا عليهم في القعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل ، وفي هذا دلالة على أنهم نصحوهم بالتراجع. أخرج ابن جرير الطبري عن السّدّي قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ألف رجل ، وقد وعدهم بالفتح إن