٨ ـ أرشدت آية : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) إلى أن المؤمن الصادق لا يكون جبانا ، فالجبن لا يجتمع مع الإيمان ؛ لأن علته : الخوف من الموت والحرص على الحياة ، وهما بعيدان عن المؤمن ، وكان الصحابة الذين ذهبوا مع النبي صلىاللهعليهوسلم في العام التالي لأحد في بدر الصغرى مثلا عالية للشجاعة والتضحية والجرأة في سبيل الله.
٩ ـ ودلت هذه الآية أيضا على أن المؤمن يمكنه التخلص من عوامل الخوف ، فيقول : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) أي كافينا الله.
١٠ ـ قوله تعالى : (فَزادَهُمْ إِيماناً) أي فزادهم قول الناس إيمانا ، أي تصديقا ويقينا في دينهم ، وقوة وجرأة واستعدادا ، يومئ إلى أن الإيمان يزيد بالأعمال الصالحة.
ويرى العلماء في زيادة الإيمان ونقصه : أن أصل الإيمان وجوهره وهو التصديق شيء واحد ، لا يدخل فيه زيادة إذا حصل ، ولا يبقى منه شيء إذا زال. وأما الزيادة والنقصان ففي متعلّقاته دون ذاته. والذي عليه الجمهور : أن الإيمان يزيد وينقص من حيث الأعمال الصادرة عنه ، لحديث مسلم والترمذي : «الإيمان بضع وسبعون بابا ، فأعلاها قول : لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان» وهذه الزيادة في رواية مسلم فقط.
١١ ـ وآية (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) يراد بها كما قال العلماء : لما فوضوا أمورهم إليه ، واعتمدوا بقلوبهم عليه ، أعطاهم من الجزاء أربعة معان : النعمة ، والفضل ، وصرف السوء ، واتباع الرضا ، فرضّاهم عنه ، ورضي عنهم.
١٢ ـ يشير قوله تعالى : (فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ ..) إلى أن الخوف يجب أن يكون من الله فقط ، لا من الأعداء ، وأن أولياء الله لا يخافون الشيطان إذا خوّفهم ، وإنما يخوف أولياءه المنافقين ، ليقعدوا عن قتال المشركين.