(قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) مجاز مرسل من إطلاق الجزء وإرادة الكل ، وذكر الأيدي بالذات لكثرة تداول الأعمال بهن.
(تَأْكُلُهُ النَّارُ) إسناد الأكل إلى النار من طريق الاستعارة ؛ لأن حقيقة الأكل تكون للإنسان والحيوان. يوجد طباق بين (فَقِيرٌ) و (أَغْنِياءُ) وجناس مغاير في (قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا) وفي (كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ). (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ليست للمبالغة وإنما هي للنسب مثل عطار ونجار.
المفردات اللغوية :
(سَنَكْتُبُ) نأمر بكتب (ما قالُوا) أي نأمر بكتب أقوالهم في صحائف أعمالهم ليجازوا عليه ، والمراد : أننا سنعاقبهم عليه (ذُوقُوا) أصل الذوق : إدراك الطعم في الفم ، ثم استعمل في إدراك سائر المحسوسات ، وهو المراد هنا (الْحَرِيقِ) المحرق والمؤلم ، والحريق : اسم للملتهبة من النار ، والنار تشمل الملتهبة وغير الملتهبة والمراد عذاب هو المحرق والمؤلم ، وهو النار ، فعذاب الحريق يراد به عذاب هو الحريق ، أي سننتقم منهم (عَهِدَ إِلَيْنا) أي أمرنا في التوراة وأوصانا به.
(بِقُرْبانٍ) هو ما يتقرب به إلى الله من حيوان ونقد وغيرهما ، أي فلا نؤمن لك حتى تأتينا به ، والمراد من النار : النار التي تنزل من السماء. (قُلْ) لهم توبيخا (بِالْبَيِّناتِ) المعجزات الواضحة (وَالزُّبُرِ) جمع زبور وهو الكتاب ، مثل صحف إبراهيم (الْمُنِيرِ) الواضح ، وهو التوراة والإنجيل ، أي إذا كذبك الناس فتكذيب الرسل أمر شائع فيمن قبلك ، فاصبر كما صبروا.
سبب النزول :
نزول الآية (١٨١):
(لَقَدْ سَمِعَ) : أخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : دخل أبو بكر بيت المدارس (١) ، فوجد يهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له (فنحاص) فقال له : والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر ، وإنه إلينا لفقير ، ولو كان غنيا عنا ما استقرض منا ، كما يزعم صاحبكم ، فغضب أبو بكر ، فضرب
__________________
(١) المدراس والمدرس : الموضع الذي يدرس فيه ، والمدرس أيضا : الكتاب.