على واحدة هي السيّدة خديجة أم المؤمنين إلى نهاية الكهولة وهي سنّ الرابعة والخمسين من عمره الشريف ، وبعد هذه السّن تقل الرّغبة بالنّساء عادة ، وكان أكثرهن ثيّبات لا أبكارا.
وإنما كان تعدّد زوجاته لأغراض إنسانيّة واجتماعيّة وإسلاميّة ، فقد يتزوّج امرأة بتزويج الله له كزينب بنت جحش لإبطال عادة التّبني ، وقد يتزوّج امرأة لتعويضها عن زوجها الذي فقدته بسبب الهجرة أو الجهاد في سبيل الله ، وقد يتزوّج من القبائل لتقوية رابطتهم بالإسلام ، وربّما كان زواجه أحيانا بقصد نشر الإسلام بين القبائل العربية ، فتكون مصاهرته لقبيلة مثل زواجه بجويرية بنت الحارث سببا في اعتناقها الإسلام ، فدخل بنو المصطلق في الإسلام بسبب جويرية ، وكان في هذا التعدّد فوائد كثيرة من أهمها تعليم نساء المسلمين الأحكام الخاصة بالنّساء أو الخاصة بين الزّوجين ، وجعلهنّ قدوة في تطبيق الأحكام الإسلامية المتعلّقة بالأسرة وغيرها ؛ لأنه عليه الصلاة والسّلام القدوة الحسنة للمسلمين في أخلاقه ومعاشرته وسلوكه وعبادته ونحو ذلك.
والخلاصة : إن تعدّد الزّوجات في الإسلام أمر تلجئ إليه الضرورة ، أو تدعو إليه المصلحة العامة أو الخاصة ، وإصلاح مفاسده أولى من إلغائه ، ولا يجرأ أحد على الإلغاء ؛ لأن النصوص الشرعية تدلّ صراحة على إباحته ، وتعطيل النّص أو الخروج عليه أمر منكر حرام في شرع الله ودينه.
والنّبي صلىاللهعليهوسلم راعى الحكمة البالغة والمصلحة الإسلامية في اختيار كل زوجة من زوجاته ، فأما خديجة فهي الزوجة الأولى التي رزق منها الأولاد ، وذلك متّفق مع سنّة الفطرة. وأما سودة بنت زمعة ، فلتعويضها عن زوجها بعد رجوعها من هجرة الحبشة الثانية ، وهي من المهاجرات الأوليّات ، فلو عادت إلى أهلها لعذّبوها وفتنوها عن دينها ، وأما عائشة وحفصة فلإكرام صاحبيه ووزيريه :