وصرفه عن الوجوب أن الوصي أمين ، والأمين إذا ادعى الرد على من ائتمنه صدّق بيمينه. وقوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) يشهد لهم في عدم لزوم البينة ، فإن معناه : أنه لا شاهد أفضل من الله تعالى فيما بينكم وبينهم ، وهذا مروي عن سعيد بن جبير.
وهل يصدّق الوصي إذا ادعى أنه دفع المال إلى اليتيم بعد البلوغ ، وهل يصدق فيما ينفقه حال الصغر؟
قال الإمامان مالك والشافعي : لا يصدق ؛ لأن الوصي غير مالك. وقال الإمام أبو حنيفة وأصحابه : يصدق ؛ لأن الوصي أمين ، والأمين يصدق بيمينه ما دام أمينا.
ثم ختم تعالى الآية بتقرير رقابته على كل الأمور صغيرها وكبيرها ، فذكر أنه كفى الله حسيبا أي رقيبا عليكم ، يحاسبكم على ما تسرون وما تعلنون.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآية (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) على ما يأتي :
١ ـ النهي عن تضييع المال ووجوب حفظه وتدبيره ، وحسن القيام عليه ، حيث قد جعله الله تعالى سببا في إصلاح المعاش وانتظام الأمور.
٢ ـ وجوب الحجر على السفهاء المبذرين من وجهين :
أحدهما ـ منعهم من أموالهم ، وعدم جواز دفع أموالهم إليهم.
والثاني ـ إجازة تصرفنا عليهم في الإنفاق عليهم من أموالهم وشراء أقواتهم وكسوتهم ، ويؤكد ذلك قوله تعالى : (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً) [البقرة ٢ / ٢٨٢] فأثبت الولاية على السفيه كما أثبتها على الضعيف.