أكّد تحريم أكلها ، وأوضح أن المال الموروث الذي يحفظه الأولياء لليتامى يشترك فيه الرجال والنساء ، وقد كانوا في الجاهلية لا يورّثون النساء والأولاد الصغار ، ويقولون : لا يرث إلا من طاعن بالرماح وحاز الغنيمة. قال سعيد بن جبير وقتادة : كان المشركون يجعلون المال للرجال الكبار ، ولا يورثون النساء ولا الأطفال شيئا ، فأنزل الله : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ..).
التفسير والبيان :
إذا كان لليتامى مال مما تركه الوالدان والأقربون ، فهم فيه سواء ، لا فرق بين الذكور والإناث ، ولا فرق بين كونه كثيرا أو قليلا ، فالجميع فيه سواء في حكم الله تعالى مهما قلّ المال ، يستوون في أصل الوراثة ، وإن تفاوتوا بحسب ما فرض الله لكل منهم ، بما يدلي به إلى الميت من قرابة أو زوجية.
ثم أكد تعالى هذا الحق للجميع بقوله : (نَصِيباً مَفْرُوضاً) للدلالة على أنه حق معين محتوم مقطوع به ، ليس لأحد إنقاصه.
ثم عالج القرآن الكريم ناحية نفسية وهي كراهية حضور الأقارب مجلس قسمة التركة ، فقرر أنه إذا حضر قسمة التركة أحد من ذوي القربى للوارثين واليتامى والمساكين ، فأعطوهم شيئا من المال ولو قليلا ، وقولوا لهم قولا حسنا واعتذارا جميلا يهدئ النفوس ، وينتزع الحقد والسخيمة ، ويستأصل الحسد من النفس.
والمراد بالقسمة : قسمة التركة بين الورثة ، وأولو القربى : من لا يرثون لكونهم محجوبين أو لكونهم من ذوي الأرحام ، والمأمور بهذا هو الولي أو اليتيم عند البلوغ وتسلم المال. والضمير في قوله : (فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) يرجع إلى ما ترك الوالدان والأقربون ، أو إلى القسمة بمعنى المقسوم باعتبار معناها ، لا باعتبار