ومالكهم ، والمكلّف لهم ، فلا يصح أن يوصف بوجوب شيء عليه ، تعالى الله عن ذلك.
لكن الله سبحانه قد أخبر في قرآنه أنه يقبل التوبة عن العاصين من عباده ـ وهو الصادق في وعده ـ بقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) [الشورى ٤٢ / ٢٥] وقوله : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) [التوبة ٩ / ١٠٤] وقوله : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ) [طه ٢٠ / ٨٢] فإخباره سبحانه وتعالى عن أشياء أوجبها على نفسه يقتضي وجوب تلك الأشياء.
والخلاصة : العقيدة أنه لا يجب على الله شيء عقلا ، فأما النقل السمعي في القرآن فظاهره قبول توبة التائب.
٢ ـ التوبة تشمل كل أنواع السوء والمعاصي من كفر وغيره ، فكل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته ، كما تقدم ، وأمور الدنيا كلها جهالة ، سواء وقعت عمدا أو جهلا.
٣ ـ التوبة في أثناء زمن قريب قبل المرض والموت ، وكل ما كان قبل الموت فهو قريب. قال المالكية : إنما صحت من العبد في هذا الوقت ، لأن الرجاء باق ، ويصح منه الندم والعزم على ترك الفعل. روى الترمذي عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» قال : هذا حديث حسن غريب. ومعنى : «ما لم يغرغر» : ما لم تبلغ روحه حلقومه ، فيكون بمنزلة الشيء الذي يتغرغر به.
٤ ـ نفى سبحانه أن يدخل في حكم التائبين صنفان : الأول ـ من حضره الموت وصار في حين اليأس ، كما كان فرعون حين صار في غمرة الماء والغرق ، فلم ينفعه ما أظهر من الإيمان ، لأن التوبة في ذلك الوقت لا تنفع ، لأنها حال زوال التكليف.