الذي يحتذي به ، ويقلّده الآخرون ويتأثّرون به ، وتحليل تلك الضوابط يتجلّى في الشروط الآتية المطلوبة في الدّعاة :
١ ـ العلم بالقرآن والسّنّة والسّيرة النّبويّة وسيرة الرّاشدين.
٢ ـ تعلّم لغة القوم الذين يراد دعوتهم إلى الدّين ، إذ يتعذّر تحقيق الغاية بدون ذلك ، وقد أمر النّبي صلىاللهعليهوسلم بعض الصحابة بتعلّم العبريّة لمحاورة اليهود.
٣ ـ معرفة الثقافة الحديثة والعلوم العامة وأحوال الأقوام وأخلاقهم وطبائعهم ، والملل والنحل ، وشبهات التّيارات والمبادئ الاقتصادية والاجتماعية السائدة في العالم المعاصر ، وموقف الإسلام منها.
ثانيا ـ إن التّفرق في الدّين وسياسة الأمة العامة أمر حرام ومنكر عظيم مؤذن بتدمير المصلحة العامة والقضاء على وجود الدولة المسلمة والأمة المؤمنة ، وقد عدّ القرآن المتفرقين في الدين من الكفار والمشركين ، كما في قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ ، وَكانُوا شِيَعاً ، كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [الروم ٣٠ / ٣٢] وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ، إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ، ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) [الأنعام ٦ / ١٥٩].
ومن خرج عن حدود الدين ومقاصده كان ظالما ، ومن لازم الظلم كان كافرا ، كما قال تعالى : (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة ٢ / ٢٥٤].
ومن ترك الاعتصام بالقرآن والإسلام ورد الأمر المتنازع فيه إلى غير الكتاب والسنة كان أيضا من الكافرين.
هذا .. والاختلاف المحظور إنما هو الاختلاف في العقيدة وأصول الدين ، وأما اختلاف الفقهاء في الفروع الاجتهادية فهو محمود غير مذموم ومن يسر الشريعة.